أخبار العربية

سد الذرائع (باب) استغل أسوأ استغلال ــ جهود وزارة العمل تصطدم بضغوط المرجفين



تسعى المملكة العربية السعودية بصورة حثيثة لمواكبة التطور الحاصل في كافة مناحي الحياة على الصعيدين الأقليمي والدولي واللحاق بركب الحضارة العالمية من خلال تحقيق التنمية الشاملة، والاهتمام بالعنصر البشري كعامل فاعل ورئيسي لضمان الوصول إلى هذه التنمية وانطلاقاً من هذه القناعة صدرت العديد من القرارات والتوجيهات الكريمة من أجل إشراك مختلف فئات المجتمع في عملية البناء والتنمية وتحريك عجلة الاقتصاد، وفي مقدمة هذه الفئات المرأة والتي ظلت تعاني الحرمان من نيل حقوقها طوال الفترة الماضية نظراً للثقافة الذكورية السائدة في المجتمع ، والرجعية الضاربة بجذورها والتي تسيطر على النمط الفكري الذي يتم من خلاله رؤية المرأة من منظور سطحي ضيق وفي إطار التابع والخادم الذي لا رأى له إلى ما يقرره سيده صاحب الأمر المطاع، ولكن يبدو أن البعض لا يروق لهم أن تتغير هذه الحال، وليس أدل على ذلك من الهجوم الذي تعرض له وزير العمل الدكتور/غازي القصيبي بسبب القرار الذي يهدف لإتاحة المجال أمام المرأة السعودية للعمل في مجال بيع المستلزمات النسائية والذي كان في سياق التوجيه الملكي السامي القاضي بحث جميع مؤسسات وأجهزة الدولة على توفير المزيد من فرص العمل لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع، وذلك من قبل الذين دأبوا على إساءة الظن في كل ما يصدر عن الآخر والنظر إليه بعين الشك والريبة حتى وإن كان ظاهر ما يتبناه الآخر وباطنه لا شبهة فيه، وإنما هم من يأولون الأقوال والمواقف على حسب أهوائهم وظنونهم، ويحملونها على غير ما تحتمل ومن هذا المنطلق كان الهجوم على شخص وزير العمل قاسياً، وكال له هؤلاء الشتم والسباب ووصفوه بأبشع الألفاظ وهو الذي خبره الجميع على امتداد مسيرته العلمية التي تميزت بالنزاهة والإخلاص رغم أنف هؤلاء المرجفين، ومن المفارقات أن البعض يعتبر هذا الهجوم يأتي في إطار حرية الرأي التي يجب احترامها، وفي اعتقادي أن هذه الممارسات غير اللائقة أقل بكثير من أن ترقى إلى هذا المستوى، كما أن أصحابها لا يعبرون عن آرائهم في النور فهم يتخفون خلف أسماء مستعارة، ويستخدمون أساليب تنم عن نفوس امتزجت فيها أسباب الجهل والحقد فشكلت مجموعة من العقد المركبة، فأصبح هؤلاء لا يرون إلا ذواتهم وأنهم فقط من يملك الحقيقة المطلقة التي لا تقبل أي نقاش أو جدال، وبناءً على ماسبق فلا غضاضة أن يقدم هؤلاء على هذه السلوكيات، ولكن كل العجب ممن يساندونهم ويبررون هذا الهجوم المشين على الدكتور/غازي القصيبي دون توجيه أي لوم أو نقد لمثل هذه السلوكيات التي تهدف إلى النيل من سمعة المخلصين والتقليل من مكانتهم التي استحقوها عن جدارة، بالإضافة إلى أن هذا الهجوم لا يستهدف شخص وزير العمل فحسب وإنما النهج الذي تدعمه حكومتنا الرشيدة التي تعمل وفق التوجيهات الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسياسته الهادفة للإصلاح والتطوير، ومن الطبيعي أن يأتي القرار السالف الذكر ليتماشى مع هذه السياسة، ومن البديهي أيضاً أن يقع العبء الأكبر على عاتق وزارة العمل بصفتها المعنية مباشرة بوضع الخطط والآليات اللازمة التي تضمن تحقيق هذه السياسة بما يتناسب والضوابط الشرعية وخصوصية المجتمع السعودي، وهذا أحد أهم الأسباب لتأجيل عمل المرأة في المحلات الخاصة ببيع المستلزمات النسائية والذي نتمنى ألا يتأخر كثيراً أو تمارس الضغوط من أجل إلغائه لما يترتب على تنفيذه من إيجابيات اجتماعية واقتصادية لا تخفى إلا على من يفتقدون العلم الشرعي الصحيح أو المكابرين الذين لو تم الانصياع لرغباتهم لتوقفت عجلة التنمية وعدنا إلى الخلف عشرات السنين، ولعمري أن حال اليوم أشبه بالأمس عندما تعالت الأصوات رافضة قرار تعليم البنات، والذين إن التمسنا لهم العذر نظراً للظروف الاجتماعية السائدة آنذاك وتدني نسبة الوعي الثقافي والمعرفي، فكيف لنا أن نتقبل وجود مثل هذه النماذج في القرن الواحد والعشرين الذي شهدت فيه الحضارة الإنسانية أوج تقدمها وأزدهارها، ولكن ما يجمع كل هؤلاء مقاومة أي تطور أو تغيير اجتماعي وربط هذه المقاومة وهذا الرفض بأحكام التشريع الإسلامي، حيث يرون أن متطلبات هذا التطور لا تتوافق معها، كما أنهم يبررون رفضهم بسد الذرائع أو درء المفاسد وهذا باب تم استغلاله أسوأ استغلال، وأفرغ من مضمونه الحقيقي وغاياته النبيلة، وهنا شر البلية.

المقال أعلاه نشر في صحيفة الرياض بالعدد (13904)وتاريخ 23/6/1427ه

تقنين الأحكام القضائيه بين الرفض والقبول

تفاءل الجميع بما تحدث به الشيخ عبدالمحسن العبيكان - عضو مجلس الشورى في أكثر من حوار صحفي حول وجود خطط لوضع تنظيم جديد خاص بإعداد مواد محددة يتم العمل بمقتضاها عند إصدار الأحكام القضائية، ولكن يبدو أن ذلك قد يكون حلماً بعيد المنال، والحقيقة أن المرء يتعجب من رفض البعض لسن مثل هذا التنظيم ودخوله حيز التنفيذ، وهناك من يوجه سيلاً من الاتهامات للقائمين على ذلك والمؤيدين له تصل إلى درجة الطعن في سلامة موقفهم وأنهم يستهدفون النيل من مكانة التشريع الإسلامي، ولو تأمل هؤلاء قليلاً في واقع الحال بالنسبة للتناقض الواضح بين الأحكام القضائية بين محكمة وأخرى بل وبين قاضٍ وآخر في محكمة واحدة لأدركوا كم هم ظالمون لأنفسهم ولمجتمعهم، فالمتمعن في هذه الأحكام يلاحظ أن هناك تفاوتاً وتبايناً كبيراً وتحديداً في مدة المحكومية الخاصة بالسجن وأيضاً التعزير مثل الجلد وخلافه في قضايا متشابهة ومتماثلة في كافة التفاصيل وأحياناً يكون الحكم مخففاً في ظروف تستحق الشدة، ومغلظاً ومبالغاً فيه في قضايا أقل خطورة على المجتمع ومرتكبوها أحدث سناً وليس لديهم سوابق في عالم الإجرام، والأمثلة على ذلك كثيرة والحصول عليها من أرشيف وزارة العدل والمحاكم لا يتطلب أي عناء أو مشقة، ولكن أود في هذا السياق أن أستشهد بحادثة واحدة تم نشرها في الصحف المحلية قبل عام أو أكثر والتي وقعت في محافظة الطائف عندما أقدم شخص يعمل إماماً لأحد المساجد على قتل صهره والد زوجته عندما حاول الأخير الاعتداء عليه بسلاح أبيض، وبعد النظر في القضية من قبل أحد القضاة وحيثياتها لمدة زمنية طويلة أعتقد أنها بلغت ثلاث سنوات صدر حكم قضائي بالقصاص وصدق الحكم من هيئة التمييز، ولكن تمكن المحكوم عليه من رفع التماس للمقام السامي، فصدرت التوجيهات الكريمة التي تقضي بإعادة النظر في القضية، وبناء عليه أحيلت القضية إلى قاضٍ آخر يعمل في ذات المحكمة التي ينتمي لها القاضي الأول وأصدر حكماً قضائياً برد الدعوى وليس للمدعين سوى التعويض المادي. والجدير بالذكر أن هذا الحكم لم يستغرق نفس المدة الزمنية التي استغرقها الحكم الأول، وتمت المصادقة على هذا الحكم من هيئة التمييز، هذا ما نشرته الصحف المحلية ومن خلال لقاء مع المعني بهذه القضية، ولم يتم تفنيد مضمون هذا اللقاء من قبل الجهات ذات العلاقة، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد وبغض النظر عن أي الحكمين أصوب.. لماذا هذا التمايز والاختلاف في الحكم بشأن قضية من المفترض أن تكون من أكثر القضايا وضوحاً نظراً لورود نصوص شرعية في الكتاب والسنة تنص على مثل هذه الحالات، إضافة إلى وجود عدد كبير من شهود العيان ممن كانوا يؤدون فريضة الصلاة، فإن كان هذا هو الحال في مثل هذه القضايا البالغة الحساسية والخطورة والوضوح في آن واحد فكيف هو حال بقية القضايا التي تختلف عنها من حيث طبيعتها وخصائصها في ظل عدم وجود نظام لتصنيف القضايا الجنائية والأخلاقية والحقوقية ومختلف القضايا الأخرى بصورة دقيقة مع بيان العقوبات المترتبة عليها، وهذا لا يمنع من وجود هامش من الاجتهاد لدى ناظر القضية شريطة ألا يؤدي ذلك إلى تفاوت غير مبرر وبنسبة عالية يشعر فيها المحكومون بالظلم وعدم العدالة وسوء الحظ.

المقال أعلاه نشر في صحيفة الرياض بالعدد (13874) وتاريخ 23/5/1427ه.


إلى من يهمه الأمر في الوزارات المعنيه

تشهد المملكة منذ زمن، وخلال الفترة الحالية ولله الحمد والمنة طفرة اقتصادية ملموسة، ومن المعلوم للجميع أن الدولة - رعاها الله - وفرت كافة الإمكانات المادية لمختلف الأجهزة والوزارات الحكومية بهدف تقديم أرقى الخدمات للمواطن وإنشاء المشروعات اللازمة لذلك، ويأتي هذا الدعم وفق سياسة الإصلاح والتطوير التي يتبناها خادم الحرمين الشريفين - حفظه المولى عز وجل - الذي وجّه هذه الوزارات للعمل على تنفيذ هذه السياسة الحكيمة وقال بكل صراحة ووضوح بأن اليوم لا يوجد أي مسوغ في عدم الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة من قبل هذه الوزارات وشمولها عموم مناطق المملكه ، وفي هذا السياق يحق لنا أن نتساءل هل من المنطقي أن توجد في معظم مناطق المملكة كثير من القرى والهجر التي لا تتوافر فيها خدمات الكهرباء والاتصال الهاتفي أو البث التلفزيوني ولا تصل إليها الطرق المعبدة ناهيك عن الخدمات الأخرى.
والحقيقة أن الإجابة عن هذا التساؤل إذا حسنت النوايا قد تشير إلى أن المعنيين في الوزارات ذات العلاقة ليس لديهم أدنى علم بهذه القرى وهذه الهجر، أو أنهم يعلمون ولكن لا يعيرون ذلك اهتماماً أو أنهم يعتقدون أن هذا أمر طبيعي وأنه ليس من الضروري أن تحظى جميع القرى والهجر بالخدمات على حد سواء.
هذه احتمالات افتراضية لا أود التعليق بشأنها، كما أنها قد تكون صائبة أو خاطئة ومن الأجدر أن يترك الحكم عليها للقارئ الكريم، ولكن القول بأن مساحة المملكة الشاسعة والتزايد السكاني المتنامي هو السبب في عدم استفادة هذه القرى وتمتعها بالخدمات السالفة الذكر أعتقد ومن وجهة نظري المتواضعة بأنه قول مردود ولا يستند إلى الواقع بصلة لأن هذه القرى ليست حديثة النشأة فقد مضى على وجودها عشرات السنين وبعضها يقع على مسافات قريبة من المدن لا تتجاوز مئة كيلومتر وبذلك فإن هذه الحجة الواهية غير مناسبة والوضع الاقتصادي للمملكة منذ وقت طويل وتحديداً في هذه الأيام كما أشرنا سابقاً يتيح المجال لشمول هذه القرى والهجر بالخدمات اللازمة، وانطلاقاً من ذلك فإنه لا بد من تصحيح الوضع القائم حالياً ليس من المقبول على الاطلاق استمرار هذا الوضع المشين في هذه القرى ويجب أن يكون هناك تحرك سريع وفاعل من قبل الوزارات المعنية لتأمين الخدمات الضرورية للحياة اليومية لسكان هذه القرى الذين يعيشون في معزل عن محيطهم الاجتماعي والثقافي نتيجة لهذا التجاهل واللامبالاة ولا أود أن أقول تدني مستوى الشعور بالمسؤولية الوطنية، ويجب أن يؤخذ في الحسبان أن مكانة المملكة الإقليمية والدولية والنهضة الحضارية التي تنعم بها على كافة الأصعدة تحتم تلافي هذا القصور وفق خطة عملية شاملة وبأسرع وقت ممكن.
هذا المقال نشر في صحيفة الرياض بالعدد (13939) وتاريخ 29/7/1427ه .