أخبار العربية

أمنية سمو الأمير والمستنكرين لها !

تابعت بشيء من الفخر والأسى الخبر الذي نشرته صحيفة الحياه قبل فترة والمتضمن الإشارة إلى سؤال بريء وجه من قبل تلميذه في المرحلة الإبتدائية إلى الأمير/ خالد الفيصل أمير منطقة مكة حول أسباب عدم إتاحة الفرصة لها ولزميلاتها لممارسة الرياضة في المدارس أسوة بنظرائهن من البنين ، وكانت إجابة الأمير أنه يتمنى أن يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة التربية وفي إطارالخصوصية "السعودية"ووعد بالعمل على تحقيقه، وماأثارني للكتابة في هذا الموضوع يتمثل في التعليقات التي لاحظتها لدى البعض والتي جاءت رافضة السؤال ومستنكرة الأمنية وإعتبارها ذلك ليس عفوياً وإنما بيت له في ليل وخطط له بخبث ، وأنا هنا سأتحدث بدايةً عن وجهة نظري في ممارسة الفتاة السعودية للرياضة ومن ثم سأُعرج على هذا الإستنكار والدخول في النوايا.
فأقول أنه من غير المعقول أن يستمر حرمان الفتاه السعودية من ممارسة الرياضة والتي يعلم الجميع مايترتب عليها من نتائج إيجابية وفي كل الأحوال فهذا حق طبيعي لايجوز مصادرته، وخاصة أن المجال متاح للشاب بصوره كاملة.... فماالذي يجيزه لنصف المجتمع ويحرمه على النصف الآخر؟ وإن كان المبرر المحافظة على حياء الفتاة وإبقاءها في منأى عن مايخدش هذا الحياء فهذا المبرر لامعنى له لأن العملية يمكن أن تتم في هذا الإطار والمسألة لاتتجاوز ممارسة الرياضة في مدارس البنات والتي نعلم كم هي "محصنة"حتى من الهواء فمعظمها أشبه بالمعتقلات وخاصة الموجودة داخل الأحياء ، وإذا كان المبرر هو الخوف من التوسع في ذلك وإنشاء أندية نسائية فهذا أيضاً ليس منطقياً لأنها من البديهي سوف تكون مصممه بطريقة آمنة ، وإن كان التخوف من باب خشية إستغلال الفتاة الخروج من المنزل للتبرج والإقدام على تصرفات منافية للأداب فهذا أمر لاعلاقة له بالأندية ثم أنه من الظلم أن يتم حرمان المرأة السعودية من هذا الحق بناءً على إحتمال الإستغلال السيء من قبل البعض حتى على سبيل الإفتراض جدلاً بأن هذا السوء لايحدث إلا في حالة وجود هذه الأندية،وفي إعتقادي أن كل مجال يحتمل الوجه السلبي والإيجابي،ولكن المهم أن يكون في أصله مباحاً،وبالتالي فإن الأمر يتوقف على كيفية التعامل معه، كما أنه من الغريب دائماً في شئوون المرأة أن يتم رفض المباح بداعي الخوف مما يحتمل حدوثه مستقبلاً من تجاوزات قد تحدث في أي وقت وتحت أي ظروف ، وكأن لسان حال الرافضين يردد المثل المصري الشهير(الباب اللي يجيلك منه الريح سده وأستريح) ويبدوأن جماعتنا أغلقوا كافة الأبواب من قبيل الحيطه والحذرالشديدين ، ولا أريد أن أنسب حالة الرفض إلى الغلو في "باب سد الذرائع" فهو أعدل من ذلك وقد سبق التعرض لسوء العمل بمقتضى هذه القاعدة الفقهية في مقال خاص بعمل المرأة وهو من ضمن المقالات المنشورة في هذه المدونة .
وعوداً على بدء فإن أمنية الأمير هي أمنية الكثير من فئات المجتمع وإن لم يكن الأمر كذلك فالمسأله ليست إلزامية فمن ترغب فهذا حقها ومن لاترغب فهذا شأنها فلا مشكلة في الحالتين ، أما بالنسبه للمستنكرين فهذا دأبهم مع كل مستحدث وقد أعتادوا على إختلاق العوائق وإيجاد المبررات الواهية للوقوف أمام أي تطوير أو إصلاح ، وتحديداً فيما يتعلق بشئوون المرأة لكن مايزيد الأمورتعقيداً هو هذا التشكيك المتكرر والدخول في النوايا حتى في الأمور المباحة ، وإن كان المقصود هو أن القصة متعمدة وليست عفوية فهذا أيضاً لايجعلنا نسيء الظن في هدف من طلب من تلميذة الإبتدائي توجيه السؤال لسمو الأمير فربما تكون والدتها أو إحدى مدرساتها وهذا يعني أن ذلك هاجس الكبار قبل الصغار وأن هناك تذمر حقيقي بسبب هذا المنع الذي تقف خلفه عقلية ذكورية رجعية ، أما إن كان التشكيك تجاوزإلى درجة إعتبارالأميرمهندس هذه القصة وهذا مالمسته بوضوح من الإستنكار فإنني أعتقد أن سموه أكبر بكثير من القصة والرافضين لها والمشككين في نوايا أطرافها وبصرف النظر عن كل ذلك ...يحق لنا أن نتسائل لماذا هذا الأسلوب المشكك في كل واقعة مختلف بشأنها وهذه المبالغة والدخول في النوايا ؟ هل نسي هؤلاء المتشدقون بإتباع ماورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة من أحكام سامية أن من ضمن ماورد أيضاً النهي عن سوء الظن ؟ فقد قال سبحانه { ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ....} ويحق لنا كذلك أن نستنكر هذه الهيمنة الفكرية لفئة من الناس أغلبية كانت أو أقلية فبما أن المطلوب ليس فيه مايخالف الشرع وهناك من يود الحصول عليه بإعتباره حقاً أو حرية شخصية فإن من الواجب إقراره دون إنتظار موافقة الجميع وهناك شواهد حدثت سابقاً في مجتمعنا كتعليم البنات والذي لو أنتظر صاحب القرار موافقة المعترضين لتأخرت حركة التعليم والتنمية في المملكة فالمرأة رافد هام من روافد التنمية وهو حتى الآن للأسف لم يستثمر بالشكل الصحيح .
وفي هذا السياق نتمنى ياسمو الأمير أن تتابع تحقيق هذه الأمنية وإن كنا نعلم مشاغلك الجسام ، ولكن كما يقال وعد الحر دين عليه ومثلك إذا وعد أوفى فهذا عهدنا بك منذ أن عرفناك بإنجازاتك العظام حيثما حللت .