أخبار العربية

رعاك الله سيدي

مَرِضتَ فَمرِضنا ورحلت عن ظهرانينا فغادر السعدُ أرضنا فاشرأبت أعناقنا إلى السماء تلهج ألسنتُنا بالدعاء وما إن تواترت أخبار شفاءك وسلامة مقامك حتى علت أكفُنا تحمد الإله على فضله وواسع عطاه واستبشرت الدار خيراً وحل بروابيها الفرحُ والسرور .

الوباء الصامت والصمت القاتل !


تحدثت في مقال سابق عن الدراسة العلمية التي أعدها فريق علمي من جامعة الملك سعود عن التلوث البيئي في مدينة مهد الذهب بفعل المنجم التابع لشركة معادن وتطرقت للنتائج المُرعبة التي أشار لها رئيس الفريق العلمي الدكتور/عبدالله الفراج في تصريح صحفي نشر وقتها في صحيفة الرياض وطالبت في المقال بأهمية تحرك الجهات المعنية للوقوف على نتائج هذه الدراسة والإستفادة من معطياتها وتنفيذ التوصيات التي تمخضت عنها لمُعالجة الأخطاء الفادحة التي وقعت بحق سكان المدينة وإنهاء مُعاناتهم وحتى تكون المُعالجة شاملة وفاعلة أكدت على ضرورة قيام وزارة الصحة بإجراء مسح صحي شامل للسكان لمعرفة نوعية الأمراض المنتشرة ومدى علاقتها بالتلوث الحاصل وحتى الآن لم نسمع عن أي تحرك ملموس لهذه الجهات (إلا إذا كانت تعمل بالخفاء راجية الثواب من عند الله وحتى تنأى بنفسها عن الرياء ومواطن الشبهات) والتي كان الأجدر بها أن تتحرك قبل الإعلان عن نتائج الدراسة في وسائل الإعلام والذي جاء متأخراً حيث أن الفريق العلمي بادر أولاً بتزويد مختلف الجهات بنسخ كاملة من الدراسة كما أن أمارة المدينة مشكورةً تولت التنسيق ومخاطبة هذه الجهات وعندما نقول متأخراً فهذا بالفعل ما حدث نظراً لحرص الفريق العلمي على عدم الإقدام على أي خطوة من شأنها التأثير على تعامل الجهات المسؤولة مع نتائج الدراسة ولأنه لم يكن يهدف إلى الظهور الإعلامي وإنما كانت تُحرِكه بواعث وطنية ومهنية وإنسانية .
وإذا ألتمسنا العذر لهذه الجهات من حيث عدم إدراكها لخطورة الوضع والآثار السلبية لهذا المنجم قبل إعداد هذه الدراسة أو على سبيل الإفتراض عدم العلم بالدراسة ونتائجها فكيف لنا أن نقبل أي أعذار ومبررات حيال هذا الصمت القاتل والتجاهل المريب بعد مرور عدة سنوات على هذه الدراسة وبعد الإعلان عن نتائجها وبعد إستشعار آهالي المدينة للخطر الداهم وبعد أن أصبحت القضية قضية رأي عام فإذا كانت هذه الجهات ليست معنية بأي أضرار صحية أو بيئية أصبح حدوثها مؤكداً فعلى الأقل التحرك خوفاً من المحاسبة أو لحفظ ماء الوجه وحياءً من الناس إحتراماً للرأي العام الذي يشكل وسيلة ضغط في كل دول العالم وبسببه يستقيل أو يُقال وزراء ونحن هنا لا ندعوا إلى ذلك وهيهات أن نأمل بل نتعشم فقط بأن يشعر هؤلاء المعنيون بمُعاناة إخوانهم أبناء الوطن ويتحركوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .
وإن كان هؤلاء ليسوا على ثقة بدراسة سعودية خالصة فقد توصلت شركة كندية فيما بعد إلى نتائج أكثر رُعباً لأنه تم إتاحة المجال لها للعمل بحرية من قبل الشركة المسؤولة عن المنجم وإذا سلمنا جدلاً أن هؤلاء أيضاً لا يؤمنون بالبحث العلمي وأهميته ومصداقيته فنحن نسألهم عن موقفهم من التقرير الصحفي الذي أعده مواطن شريف إسمه حسين الشريف والذي يحمل عنوان "الوباء الصامت" والمنشور في اليوتيوب على جزأين وتضمن إعادة عرض لنتائج الدراسة والربط بينها وبين الأمراض التي يعاني منها سكان مدينة مهد الذهب وعلى لسانهم أي أن التقرير قام بما لم تقم به وزارة الصحة ولكن بصورة إعلامية ونحن ما زلنا نتمنى على هذه الوزارة ما تمنيناه سابقاً من حيث إجراء المسح الصحي الشامل المشار له أعلاه ومعرفة تركيز المواد السامة في المرضى من أجل إتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لسلامتهم .
والسؤال المُحير الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد وبمستوى بالغ الأهمية والحساسية ... لماذا لا تتحرك هذه الجهات وتقوم بواجبها ؟ وإن كانت قد فعلت بسرية تامة من منطلق العمل بصمت فلتُعلِن عن ذلك أو تُتحِفنا ببيان يُطمئِن الناس ويبدد مخاوفهم في حالة إنتفاء أي أخطار صحية وبيئية حالية أو مستقبلية مُحتملة .
ومع تقديرنا لجامعة الملك سعود وجهودها في دعم الدراسة والذي أشرنا له في المقال السابق إلا أنها مطالبة بإستمرار الدعم وتنفيذ الجانب  المتعلق بها من التوصيات والخاص بإجراء التحاليل المعملية للنظائر المشعة والعناصر الثقيلة المتطايرة في فضاء المدينة والموجودة في الغُبار الناتج عن الأعمال اليومية للمنجم فليس معقولاً أن تبادر الجامعة بداية في دعم الدراسة وبعد الوصول إلى النتائج التي أحدثت ردة فعل مُدوية في كافة الأوساط العلمية والشعبية وما حظيت به الدراسة من زخم إعلامي تستحقه وتحقيق جوائز دولية حصل عليها طلاب ثانوية مهد الذهب الذين شاركوا في مسابقة بحث علمي بإشراف الدكتور الفراج تتراجع الجامعة أو يفتر حماسها في الوقت الذي تدخل فيه عالم صناعة السيارات إلا إذا كان هذا العالم هو من أنهك ميزانيتها فلم تُعد قادرة على مواصلة الدعم أو أنه صرف نظرها عن هكذا نوعية من الأبحاث أي أن المسألة بكاملها إعادة ترتيب أولويات .
وبالتالي لا يمكن أن نوجه اللوم إلى الجهات الأخرى التي لم تتفاعل مع نتائج الدراسة كما يجب ولم تعمد إلى تنفيذ ما يخصها من توصيات ونغض الطرف عن الجهة (الجامعة) الأم لهذه الدراسة ثم أنها أيضاً مُلزمة أدبياً ووطنياً في حال إستمرار سياسة التجاهل وعدم التنفيذ بوضع نتائج الدراسة وتوصياتها في متناول القيادة السياسية التي لم ولن ترضى بأي حال من الأحوال عن أي تخاذل قد يُلِحق ضرراً بصحة المواطن وسلامته فخادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) عَبر في أكثر من مناسبة عن إمتعاضه من قصور بعض الجهات الحكومية في تعاطيها مع شؤون المواطن كما أكد على عدم وجود أي مبرر أو عذر للمقصرين في إشارة من مقامه إلى توفر الميزانيات الكافية لخدمة المواطن وتحقيق رفاهيته كما نأمل من هذه الجامعة ونظيراتها إعداد أبحاث ودراسات مماثلة وتحديداً في المدن الصناعية وأن تعمل على بذل الكثير من الدعم لمثل هذه الأبحاث العلمية في كافة المجالات التي تعود على الوطن والمواطن بنتائج عملية وذات جدوى .
والحقيقة أنني أكتب هذا المقال على مضض كحالي في المقال الأول بحكم صلة القرابة التي تربطني برئيس الفريق العلمي ولكن ما يحدث من عدم تفاعل مع كل ما سبق من معطيات أمر غريب ومستنكر ويحتم على أي مواطن إبداء رأيه بوضوح وصراحة بصرف النظر عن أي إعتبارات أخرى أو تفسيرات قد يطلقها أصحاب الأفق الضيق أو الذين يبحثون عن أي مبرر للطعن في صدقية الدراسة ودقة نتائجها أو النيل من القائمين عليها .

صحيفة الرياض العدد (15479) الأربعاء 4 ذي الحجة 1431ه الموافق 10 نوفمبر 2010 م .
                                                        

إلى متى يا هل ترى !

اتهموها بمحاولة الركوب في "سيارة" شاب لم يتم القبض عليه..
مواطنون في أبها يتهمون أفراداً من الهيئة بالتشهير بطالبة جامعية واقتيادها دون محرم وإركابها في سيارتهم بالقوة والتحقيق معها أمام الناس..!

استنكر عدد من المواطنين في مدينة أبها تصرف مجموعة من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واتهموهم بإساءة معاملة طالبة في كلية التربية بعدما اقتادوها إلى سيارتهم أمام الناس وحققوا معها بتهمة محاولة ركوب سيارة شاب، ثم تركوها لتدخل إلى الكلية وعادوا للقبض عليها مرة أخرى.
ونقلت صحيفة الحياة عن "شهود عيان" أن ثلاثة من أفراد الهيئة أثاروا الذعر أمام بوابة كلية التربية أول من أمس عندما قبضوا على طالبة وأركبوها بالقوة في سيارة الهيئة من دون محرم وأمام أعين العشرات من أولياء أمور الطالبات، وحققوا معها أمام أنظار الناس، مشيرين إلى أن الفتاة أجهشت بالبكاء، وهو ما استدعى مسؤولي الكلية للتدخل وتسلم الفتاة، لكن أفراد الهيئة عادوا من جديد لإلقاء القبض على الطالبة عند البوابة.
وذكر محمد عسيري ومشافي عسيري اللذان كانا ينتظران خروج ابنتيهما من الكلية إنهما حاولا توعية رجال الهيئة بخطورة ما قاموا به من القبض على الفتاة أمام الجميع واقتيادها بالقوة إلى سيارة «الهيئة» والتحقيق معها أمام أعين الناس من دون محرم أو رجال أمن على الأقل لكنهم لم يتجاوبوا، وأضافا أن رجال الهيئة قالوا لهما: «هذا شغلنا وليس لكم علاقة».
وأكد عدد من أولياء الأمور أنهم سيرفعون الأمر إلى إمارة منطقة عسير للتحقيق في الأمر ومنع تكرار حال الذعر التي أصابت بناتهم جراء ما حدث.
من جهته نفى الناطق الإعلامي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة عسير بندر آل مفرح أن يكون رجال الهيئة حققوا مع الطالبة في سيارة «الهيئة» أمام أعين الناس.
 (منقول من وكالة أخبار المجتمع السعودي)

التعليق :-
______

بُح صوتنا ولا حياة لمن تنادي .... البعض ينسب مثل هذه السلوكيات السيئة لمنسوبي الهيئة إلى عدم إلحاقهم بدورات تأهيلية في فن التعامل والحقيقة أن المشكلة ليست في ذلك لأن مثل هذه التصرفات لا يليق أن تصدر من أي شخص مهما كان مستواه التعليمي أو الثقافي ثم أنها مخالفة صريحة للنظام كما أن الإلتزام باللوائح والأنظمة لا يتطلب دورات وخلافه وإنما مصداقية وضمير وإذا كان رجال الحسبة لا يتصفون بذلك وفيهم خريجي كليات شرعية إضافة إلى أنه من باب أولى يفترض أن يكونوا من الملتزمين بأصول الإسلام وقواعده الأساسية وكما هو معلوم حسن التعامل أهم هذه الأصول وهذه القواعد فتلك معضلة كبرى وأعتقد أن حلها ليس في دورات تُحسب لهم وإنما في عقوبات يضرب بها المثل وتكون عبرةً لمن يعتبر ومن لا يعتبر .

عارٌ علينا إستمرار هذه المهزلة

 وجهت له أسئلة عن زواج القاصرات وسجن النساء والعضل..
الأميرة بسمة بنت سعود تصف محاضرة وزير العدل بـ"السيئة تنظيمياً" بعد حجب أجهزة الصوت مداخلتها وتجاهل إدارة الجامعة إيصالها به هاتفياً..!

قضايا سعودية: متابعات
وصفت الكاتبة الأميرة بسمة بنت سعود محاضرة وزير العدل السعودي الدكتور محمد العيسى التي أقيمت مؤخراً في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بـ"السيئة تنظيمياً" مؤكدة أن أجهزة الصوت حجبت مداخلتها معه رغم أنها تلقت دعوة رسمية للحضور والمداخلة, موضحة أن نائب مدير الجامعة تجاهل طلبها بإيصالها هاتفياً بالوزير .
وكانت الأميرة بسمة جهزت مداخلة مع الوزير تناولت فيها عدة قضايا من أهمها عضل البنات, والتحرش الجنسي, وإيداع النساء في السجون دون محاكمة, وزواج القاصرات, وتقنين القضاء, وسرعة البت في القضايا العالقة بديوان المظالم, وتخريج قضاة في تخصصات معينة في المجتمع, ومكافحة الفساد الإداري, إلا أن سوء التنظيم وتعطل مكبرات الصوت في القسم النسائي, حيث تجلس الأميرة, منع وصول صوت مداخلتها عبر مكبرات الصوت إلى الجانب الرجالي .

ووصفت الأميرة في تصريحات نقلها موقع سبق المحاضرة بأنها "درس وليست محاضرة" ولم يقبل خلالها أي سؤال, مؤكدة أن المداخلة حق من حقوق الحضور, خاصة في المحاضرات، معربة عن خيبة أملها إزاء ما حدث .
                               
 (منقول من وكالة أخبار المجتمع السعودي)
التعليق :-
_____

حبذا لو نعرف أين تكمن المشكلة لو تم تخصيص مقاعد للنساء بجوار مقاعد الرجال أو خلفها كأضعف الإيمان فهذه محاضرة تم الإعداد لها مسبقاً والمدعوين والمدعوات كلهم في مراحل عمرية ناضجة والأهم من ذلك ينتمون إلى فئات إجتماعية متعلمة ومثقفة ثم أن ضروف المكان والزمان وطبيعة هذه المحاضرة تسمح بإتباع هذا الأسلوب من التعامل الراقي والحضاري بالنسبة لنا والعادي بالنسبة لغيرنا .... في الحقيقة أنا أضع اللوم على الأميرة وغيرها من نساء الوطن اللواتي يستجبن لدعوات حضور هذه المناسبات التي لا يحترم القائمين على تنظيمها مكانة المرأة السعودية وأهمية مشاركتها في مثل هذه المناسبات فلو تم التعامل معهن وفق ما أشرنا له أعلاه لما حدثت مشكلة إنقطاع الصوت وعدم سماع المداخلات والتي قد تكون أيضاً متعمدة في حالة وجود مداخلات غير مرغوبة كما أن هذا التنظيم السلبي يكلف الكثير من الجهد والوقت والتكاليف غير الضرورية .... لماذا لا نقيم حملة نسائية رجالية لمقاطعة مثل هذه المناسبات الغبية على غرار حملة "كفاية إحراج" بعنوان "كفاية تجاهل كفاية رجعية يكفي تعطيل لنصف المجتمع" .

قاضي المدينة وزمن العجب العُجاب


فيما تمت المصادقة شرعاً على اعترافات ثلاثة من المتورطين في الفساد..
المجلس الأعلى للقضاء يرفض طلباً تقدمت به المباحث الإدارية إلى وزارة العدل للتحقيق مع "قاضي المدينة" ويبرر ذلك بأنه "تجنب للفتنة"..!
قضايا سعودية: متابعات
في خطاب وجهه لوزارة العدل رفض المجلس الأعلى للقضاء طلبا تقدمت به المباحث الإدارية عبر الوزارة للتحقيق مع القاضي في المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة الذي ورد اسمه في قضايا الفساد وذلك «تجنباً للفتنة». 
وكانت الأجهزة الأمنية قد تقدمت بطلب لأخذ إفادة القاضي في عدد من القضايا التي ورد اسمه بها, لكنها لم تتمكن من ذلك حتى الآن .
ونقلت صحيفة المدينة عن مصدر مطلع بوزارة العدل أنه تمت المصادقة شرعًا أمس على اعترافات ثلاثة من منسوبي المحكمة الشرعية المتورطين في قضية الفساد أحدهم يعمل بمكتب القاضي الذي طالته الشبهة في هذه القضية.
 (منقول من وكالة أخبار المجتمع السعودي)
                                    
التعليق :-
ــــــــــــــ
سبق أن ذكرت في تعليق على خبر القاضي والرقية الشرعية وكذبة سحره وتلبسه بالجن أنني مقتنع أن القاضي سوف يخرج منها وأعتقد أن مضمون الخبر أعلاه يدعم ذلك فأي عدالةٍ ننشد بعد هذا الرفض غير المبرر والذي هو أعظم من المسرحية الهزلية للثلاثي الكاذب فصدور هذا الرفض من جهة قضائية عليا يبعث على الأسى والسخرية والسخط فكيف يكون هذا هو حال الجهة التي ينظر لها على أنها صمام الأمان للعدالة والقانون ؟ وأي عدالة فهي عدالة سماوية طالما تشدقنا بها وحاججنا بها كل المنظمات الحقوقية الدولية .
يا عالم يا هوه يا بشر يا ناس يا مسلمين .... إسرائيل تلاحق رؤساءها وأمريكا تحاكم جنودها على جرائم أرتكبوها في زمن الحرب وهذه دول تعتبرونها رأس الكفر والشر والعدوان فأي عدالة تتحدثون عنها وأي نموذجٍ تعلمونه للأجيال الحالية والقادمة .... فهل نسيتم أم تناسيتم أن  العدل أساس المُلك .... وقوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
لقد بلغ السيل الزبى فقسماً بالذي أرسل الرس مبشرين ومنذرين لنتبرأ من كل القيم التي تعلمناها في كتاتيبكم المُتهالكة إذا لم ينال هذا القاضي عقابه الرادع إن كان متورطاً وهذا بات شبه مؤكد بهذا الرفض لأن مجلس القضاء كان الأحرى به أن يوافق على طلب الإستجواب إذا كان يظن أن قاضيه بريئ حتى تخرسن الألسن وتؤد الفتنة إن كان هناك فتنة أما برفضه هذا فقد أشعلها ناراً لن تطفئ بل وكشف زيف ما يدعون فأيقظ  حتى من هم في سباتهم نائمون من هول الخطب ومخافة غضب الرب .

المواقع الإلكترونية وثقافة القص واللصق


من الملاحظ في الآونة الأخيرة إنتشار المواقع الإلكترونية الخاصة ونعني بذلك المواقع العائلية والقبلية وبالتأكيد أن هناك بعض الإيجابيات التي جاءت نتيجة طبيعية لوجود هذه المواقع من حيث تعلم أفراد العائلة والقبيلة للمهارات الأساسية في الحاسب الآلي وكيفية التعامل مع الشبكة العنكوبتية "الإنترنت" وخاصة إذا عِلمنا أن معظمهم قبل ذلك لم يكن على دراية بهذه المهارات وإنما كانت هذه المواقع حافزاً ودافعاً رئيسياً لذلك وهناك إيجابيات أخرى تتعلق بالتواصل بين أفراد العائلة والقبيلة الواحدة ومعرفة أخبارهم السارة وغيرها للقيام بما يمليه واجب القربى ولكن بالرغم من هذه الإيجابيات فإن الأمر لا يخلو من سلبيات بسبب ثقافة الأنا السائدة وغياب الوعي الحقيقي بأليات الحوار وإحترام الرأي الآخر فتجد أن الكثير من مرتادي هذه المواقع همهم الوحيد التواجد في كل موضوع مطروح دون أن تكون لديهم القدرة على المشاركة في النقاش حول هذا الموضوع بل يفتقرون إلى الأبجديات اللازمة لذلك فتجدهم يشرقون ويغربون ويكررون ما علق بذاكرتهم من أحاديث عامة أو آراء سطحية متداولة ومعظمها لا علاقة له بموضوع النقاش والأسوء منهم  من يبادر إلى الإختلاف فقط دون أن يقدم ما يدعم هذا الإختلاف ويبرره والأسوء من السيء من يحول الحوار بشأن القضية إلى هجوم شخصي والدخول في النوايا والأهداف حيث يتم تعميم هذا الأسلوب الوضيع حتى في القضايا المتفق عليها أو التي لا تتطلب أي جدل بشأنها وكأنما هو يختلف مع صاحب الموضوع أو من له وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظره فيتحول النقاش من حوار للقضية إلى حوار شخصي وجدل بيزنطي عقيم وسخيف فتجده ومن على شاكلته لا يقابلون الحجة بالحجة والدليل بالدليل والمشكلة الأعظم أن هؤلاء يتحدثون وكأنهم يملكون الحقيقة كاملة فهم لا يختلفون مع الآخر في الرأي إن كان لديهم رأي وإنما يحاولون أن يصادروا رأيه الأكثر وضوحاً ومنطقية من خلال الخروج عن لب الموضوع المطروح للنقاش أو إتهامه بالعلمانية ونحو ذلك من مصطلحات لا يفقهون منها حتى إسمها والبعض منهم يغيضه براعة المختلف معه في عرض براهينه وجمال أسلوبه اللغوي ولأنه لا يستطيع مجاراته يعمد إلى القول بأن هذا شأن الإعلاميين يجيدون تنميق الكلام وصياغته وكأن هذه تهمة بل هي شرفٌ لكل من يجيدها ومن الطبيعي أن الإعلاميين ليسوا جميعهم على مستوى رفيع من المقدرة البلاغية كما أن المسألة لا تتوقف عند تلك المقدرة فمناقشة قضايا الرأي العام لا تتطلب ذلك فقط وإنما تستلزم قدرات أخرى ومستوى معين من التفكير والتحليل والثقافة وإمكانية طرح آراء بناءة وواقعية لمعالجة هذه القضايا وإيجاد حلول مناسبة وعملية وهذه لا تتوفر لمن يجيدون فقط القدرة الإنشائية على الكتابة ولكن هؤلاء المتطفلون لا يفرقون بين فئةٍ وفئة لأنهم أقل بكثير من أن يدركوا هذه الفوارق على وضوحها كما أنهم يحلمون أن يصلوا إلى مستوى أي الفئتين فينطبق عليهم المثل القائل "اللي ما يطول العنب حامضٍ عنه يقول" .
ومن النقاط التي يجدر التطرق لها والتي نشأت بنشوء هذه المواقع والتي تفسر لنا ما سبق من حيث تطفل الجهلة وتجرأهم على مناقشة قضايا هم أبعد ما يكونون عن فهم المعنى العام لها ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة "القص واللصق" حيث أن بعض اعضاء هذه المواقع لا يتقنون غير ذلك فتجدهم يتفنون في النقل الحرفي من المواقع الأخرى وهم ليسوا على دراية حتى بما نقلوه فحالهم مع فارق  التشبيه كحال من ورد ذكره في محكم التنزيل يحمل أسفاراً وفي إعتقادي أنهم لو كانوا أيضاً كذلك لكان حالهم أفضل فحامل الأسفار ربما يستفيد قليلاً من حملها .
وكل ما سبق يمكن أن يكون قاعدة (لا نعني تنظيم القاعدة والعياذ بالله فالجميع منه براء) في معظم هذه المواقع وإن أختلفت النسبة من موقع لآخر ناهيك عن الأهم من ذلك كله من التفاخر العائلي الممجوج والعصبية القبلية البغيضة وعندما نخص في هذا المقال المواقع الإلكترونية ذات الطابع القبلي أو العائلي فلأن الملاحظات الجوهرية السالفة الذكر تمثل فيها ظاهرة تستحق تشخيصها وإستبيان أسبابها بخلاف المواقع الأخرى المتخصصة حيث تكون نسبة هذه الملاحظات أقل بكثير والبعض منها كالعصبية والتفاخر معدوم وهذا أيضاً لا يعني بالضرورة التعميم أو عدم وجود نماذج إيجابية ومبشرة بالخير بالنسبة للمواقع موضوع المقال والتي نحمل للقائمين عليها كل التقدير والإحترام ونطالبهم في ذات الوقت وكلنا ثقة بأصالة معدنهم وكريم تجاوبهم بالحفاظ على سمعة مواقعهم من خلال تلافي هذه السلبيات وتطوير هذه المواقع نحو الأفضل أو على الأقل أن لا يتم التعرض فيها إلا للمواضيع والقضايا ذات الإهتمام العائلي والقبلي المشترك والتي تعزز الروابط الإنسانية والإجتماعية بين أعضاءها .
وفي كل الأحوال يجب أن نقول أن مشاركة المثقفين واصحاب الفكر في المواقع التي تتضمن السلبيات المشار لها أعلاه قد تحسب عليهم وتسيء لهم بشكل أو بآخر في حالة عدم إنتماءهم لهذه المواقع من قبل من لا يقيمون الأمور على حقيقتها ولا يضعون الرجال منازلهم وبالتالي فإنه من المناسب أن ينأوا بأنفسهم عن المشاركة في مثل هذه المواقع أما من شاءت أقدارهم بعكس ذلك لكونهم  محسوبون على العائلة أو القبيلة فإن مشاركتهم في البداية قد تكون مطلوبة بل وضرورية فأهمية التواصل الإجتماعي تحتم عليهم هذه المشاركة كما أن واجبهم يقتضي المساهمة في الإرتقاء بمستوى الوعي لدى أفراد العائلة والقبيلة من خلال مساعدتهم على معرفة أساليب وطرق الحوار الصحيحة وتزويدهم بالأفكار المستنيرة التي قد تضعهم على أول الطريق بالنسبة للتخلص من النمط التقليدي في النظر إلى قضايا الشأن العام وفي إعتقادي أن هذا من تواضع الكبار وكرم المثقفين الذين لا يبخلون بما حباهم الله من علم وفكر وثقافة ولا يحجمون عن الحوار مع أي شخص بهدف إفادته صغيراً كان أو كبيراً متعلماً أو جاهلاً صاحب فكر أو في رأسه حجر ولكن يجب أن يكون المثقف حريصاً على عدم الإسترسال بمقدار حرصه على إستفادة الآخرين من علمه وفكره إذا وجد أنه ينفخ في قربة مخرومة وأن حُسنَ صنيعه وتواضعه قد يأتي بنتائج سلبية أقلها أن يستدرج إلى مستوى من الحوار لا يتناسب مع إحترامه لذاته وإيمانه بفكره وواسع ثقافته وهو بمشاركته المؤقتة في هذه المواقع يكون قد قام بالدور المطلوب من المثقف ويكفيه ذلك .
هذا المقال نشر في صحيفة الرياض (النسخة الإلكترونية) ليوم الاربعاء 19 ذي القعدة 1431 هـ - 27 اكتوبر 2010م - العدد 15465وفي النسخة الورقية ليوم الجمعة 21ذي القعدة الموافق 29 أكتوبر وأعُيد نشره أيضاً في النسخة الإلكترونية في هذا التاريخ .
                                                                                  
                                      

كفاية إحراج وكفاية إخراج ويكفي ظلامية

لا يخلوا هذا الوطن من نماذج مشرفة أمثال فاطمة قاروب صاحبة حملة "كفاية إحراج" ولا أعني بهذا أننا نعاني من شح في مثل هذه النماذج فالوطن ولله الحمد والمنة معطاء وزاخر بأبناءه العظام على مر التاريخ ولكن أعني النماذج الشعبية فهي النبض الحقيقي للمجتمع وهي التي تجعلنا نتفاءل ونشعر بالأمل ونرى بصيص النور في النفق المظلم وأنا هنا لا أتحدث عن ظلام في كافة مناحي الحياة السعودية ولكن هناك بالفعل ظلام وظلمات في بعض جوانب حياتنا وتحديداً ذات العلاقة بالفكر أو المرأة وأعتقد أن الظلامية في الفكر هي التي أدت إلى إشكالية التعامل مع المرأة وعدم إعتبارها شريكاً مساوياً للرجل في حقوق وواجبات المواطنة الكاملة وإن أختلف دور أي منهما عن الآخر في بعض المجالات ولكن ليس على النحو الذي تم تكريسه في العقلية السعودية الذكورية والأنثوية على حدٍ سواء حتى أصبحت المرأة لا تعرف هذه الحقوق وهذه الواجبات بل وترفض أي صوت ينادي بها وليس أدل على هذا التوصيف الموجز لهذه الحالة السعودية الفريدة من محاربة فئة محددة في مجتمعنا لمشاركة المرأة بفعالية في معظم أوجه النشاط الإقتصادي والإجتماعي والثقافي في البلد ومن الأمثلة الكثيرة ما قامت من أجله الحملة المشار لها أعلاه والتي تطالب بتمكين النساء من بيع مستلزمات المرأة الخاصة جداً أسوةً بما هو حاصل في كل دول العالم وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء (120) الصادر عام 2006م وبذلك يمكن أن نطلق على هذه الحملة "كفاية إخراج" إخراج للمرأة من المنظومة الإجتماعية السعودية وحرمانها بل وحرمان المجتمع من دورها في تنميته وبناءه وبمفهوم الفئة المُعطِلة لهذا الدور خوفاً من المرأة أو خوفاً عليها تحت مبرر الحفاظ على عفتها يمكن أيضاً أن نقول كفاية إخراج للمرأة من عباءة الحياء التي يتشدق هؤلاء ومن لف لفيفهم بالسهر على حمايتها والذود عن حياضها وكأننا في معركة بين الحق بأبهى صوره والباطل بأبشع تجلياته وقد سبق لي الكتابة بهذا الخصوص إبان حملة المعارضة والتشكيك التي واجهها القرار في حينه وما صاحبها من هجوم على شخص الوزير الراحل "غازي القصيبي"من خلال مقال بعنوان "سد الذرائع (باب) أستغل أسوأ إستغلال - جهود وزارة العمل تصطدم بضغوط المرجفين " نشر في صحيفة الرياض بعددها رقم (13904) وتاريخ23/6/1427ه حيث تطرقت إلى أهم الأسباب الرئيسية لهذه المعارضة الشرسة والتي تتمثل في التوسع في باب سد الذرائع إلى الدرجة التي أنقلب فيها الحال إلى نقيضه وكما يقال "كل شيء إذا زاد عن حده أنقلب إلى ضده" والحقيقة أنني لا أريد الخوض في تفاصيل ذلك والعودة إلى ما كتبته سابقاً ولكن لا بد من التطرق لبعض الإنتقادات الموجهة لهذه الحملة والتي تأتي في نفس  السياق فمن المفارقات العجيبة أن البعض أتخذ من الموقف الشخصي الذي أشارت إليه المشرفة على الحملة فيما يتعلق بسماعها لكلمات خادشة للحياء حجةً له عليها فعبروا عن وجهة نظر قاصرة تطالب المرأة التي تواجه مثل ذلك بالخروج من المحل معتبرين أن هذه الخطوة كفيلة بحل المشكلة وتعبر عن سلوك مطلوب من المرأة المحتشمة وأن من لا تفعل ذلك فهي على النقيض منه كما أنهم أكدوا أن البائع لا يقدم على ذلك إلا مع النساء المتبرجات ونحن هنا نقول لهؤلاء الغيورين وأصحاب الحل الجذري المزعوم أنه بصرف النظر عن كون الفتاة خجولة أو العكس فالمهم أن نمنع تعرض المرأة السعودية والمقيمة في هذا البلد لمثل هذه المضايقات والتحرش البذيء ونؤكد أن الخجل لا يعني عدم رد المرأة على الرجل المتحرش ولو بجملة واحدة تجعله يفكر ألف مرة قبل تكرار ذلك مع غيرها فالخروج من المحل فقط ليس حلاً للمشكلة ثم أن المطالبة بإنهاء مهزلة بيع الرجال لملابس النساء الداخلية ليس بالضرورة مرتبطاً بوجود التحرش من عدمه لأن إستمرار هذه المهزلة يتنافى أساساً مع الخصوصية والمحافظة التي صدعنا بها هؤلاء المتشدقون الذين تقاطعت أهوائهم وأفكارهم الرجعية مع مصالح رجال الأعمال فحاربوا قرار تأنيث المحال النسائية حتى منعوا تنفيذه فبالله عليكم كيف تكون المحافظة والخصوصية ونحن بوضعنا الحالي نصادر خصوصية المرأة ونخدش حياءها وحشمتها بل ورجولتنا المصادرة قبل ذلك .
 وحتى يعلم معارضي إعطاء المرأة السعودية حقوقها أن مثل هذا التشدد غير مبرر وفي منتهى الغباء والسذاجة يستحسن أن نعود بالذاكرة بضع سنوات خلت حيث كان في مدينة الرياض مركز ترفيهي يمنع دخول الرجال وكل العاملين فيه من الرجال وذلك بتوجيه من الجهة التي دأبت على إثارة مثل هذه الإشكاليات ولا حقاً تم إستبدالهم بطاقم نسائي ،
ولمن لا يتذكر هذا المثال نسوق له مثال آخر أكثر قرباً عندما كان يُمنع دخول العوائل لمهرجان الجنادرية مع تخصيص أيام للنساء في الوقت الذي كانت فيه كل الفرق المشاركة في الفعاليات من الرجال إضافة إلى منسوبي الرئاسة العامة للحرس الوطني وأخيراً تبدل الحال وسمح للعوائل بالدخول .
ولإعطاء مثال أحدث عهداً فقد كنت قبل عام تقريباً وفي عيد الفطر تحديداً في أحد المجمعات التجارية الواقعة غرب مدينة الرياض وتفاجأت بمنع دخول الأطفال الذكور والإناث إلى صالة التزلج الموجودة داخل المجمع وكان ذلك على غير العادة وعند مناقشة المعنيين أفادوا أن ذلك بأمر من منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصادف فيما بعد مرورهم فتحدثت معهم مستغرباً لأن صالة التزلج في مكان عام وكل الأطفال بصحبة ذويهم ثم أن مدة اللعبة خمسة وعشرون دقيقة فكيف يتسنى للعائلة التي لديها أكثر من طفل ذكر وطفل أنثى أن تنتظر كل هذا الوقت وللعبة واحدة وإضافة لذلك فإن مثل هذا المنع سوف يحجب المتعة التي تنشدها العائلة حيث لا يتسنى لأطفالها المرح مع بعظهم البعض في الوقت عينه أو أن يتسبب هذا المنع بحرمانهم من ممارسة هذه اللعبة وهذا ما لجأت له الكثير من العوائل وقد كتبت مقالاً بهذا الشأن بعنوان "رسالة لمعالي الرئيس" تم نشره في مدونتي "الرأي" وعلى مجموعتي على الفيس بوك الناشئة أنذاك والمتوقفة حالياً ومن الجدير بالذكر أنه تم بعد فترة من المعاناة إلغاء هذا المنع وعاد  الوضع لما كان عليه من قبل وهذا أمر جيد أن يتم تصحيح الأخطاء لكن شريطة أن لا تستمر طويلاً وخاصة إذا كانت واضحة وغير مبررة وأن لا يتم العودة لمثلها في مواقع أخرى .
والهدف من ذكر الأمثلة السابقة بالرغم من عدم علاقتها بشكل مباشر بموضوع الحملة هو قناعتي بأن ضحالة التفكير والمبالغة في الحذر والتحوط والنظر بالريبة والشك تجاه أي قضية يكون العنصر الأنثوي طرفاً فيها هو القاسم المشترك في معاناة المرأة السعودية والجدل العقيم الذي يسود كلما طفت إلى السطح قضية من هذا النوع .
والسؤال الهام/لماذا كل هذه الحساسية المفرطة تجاه جنس المرأة حتى في مراحلها العمرية الأولى والتي جعلتنا لا نميز بين الصواب والخطأ الفادح ، والسؤال الأهم لماذا لا نتعلم من مثل هذه الأمثلة ؟ حيث أن إنتقالنا من حال الخطأ إلى حال الصواب لم يترتب عليه نتائج سلبية بل كلها إيجابية فلماذا إذن نكرر ذات الأخطاء ؟ فهل نحن شعب غبي إلى هذه الدرجة ؟ وإذا لم نكن كذلك وأن البعض منا هم من جعلونا نبدو أمام أنفسنا والعالم على هذا النحو فلماذا نحن أسرى لهم وهم لا يملكون من المنطق مثقال ذرة ناهيك عن أنهم يخالفون التعاليم الإسلامية التي يتشدقون بها ؟
وإن كان من رسالة نوجهها للحملة والقائمات عليها فنحن نعبر لهن عن بالغ الإعتزاز والفخر بهن كمواطنات سعوديات يسعين لتوعية المجتمع وممارسة الضغط  الإعلامي والشعبي لتغيير أوضاع إجتماعية خاطئة كما نتضامن معهن قلباً وقالباً حتى تحقق الحملة أهدافها المأمولة .
في فمي ماء وما زال في جعبتي الكثير ولكن نتوقف إلى حين لعل الله يكتب لنا جميعاً من أمره رشدا ويهدينا سواء السبيل .

ماذا بقي من سيادة الدولة في لبنان ؟

يمكن التوجه بهذا العنوان السؤال لرئيس وزراء تيار المستقبل في لبنان الشيخ/سعد رفيق الحريري وعندما أسميه كرئيس وزراء لتيار وليس لحكومة فأنا أعني ما أقول لأن الرجل بالرغم من الموقع الرسمي الذي يتبوءه وما يبذله من محاولات جادة للتهدئة مع أعداء الأمس القريب وسعيه الحثيث والمتواصل لكسب كافة الأحزاب السياسية والطوائف المختلفة وتحديداً صاحبة القول الفصل في هذا البلد العربي الهوية الفارسي الطوية لتجاوز عوائق بناء الدولة ذات السيادة والقادرة على المضي قدماً لتحقيق تطلعات الشعب اللبناني والوصول به إلى بر الأمان إلا أنه لا زال لا يملك من أمور الحكم ما يؤهله لذلك المنصب ولبنان المستقل بات حُلماً بعيد المنال بصرف النظر عن كون الشيخ الرئيس يتمتع بالصفات اللازمة لذلك أو لا فهذا شأن آخر والإشكالية أنه في كل مرة يواجه بسيل عارم من الهجوم الذي يستهدفه شخصياً بل ويستهدف في المقام الأول هوية لبنان وسلطة القرار فيه بحيث يشمل ذلك بالتبعية الطائفة التي يمثلها الحريري في نظر خصومه والذين يعلمون أنه رجل ينأى بنفسه عن الطائفية والتمذهب البغيض فهو كما يبدو إنسان تقدمي علماني إن جاز التعبير بمعنى أنه لا يفرق بين اللبنانيين على أساس المذهب الذي ينتمون إليه ويدرك أن لبنان بلد متعدد الطوائف يجب أن يكون الساسة فيه بعيدون عن هذه الحسابات ولكن مع علمهم بهذه الحقائق فهم لا يعيرون ذلك أي إهتمام لأنهم ينطلقون من إعتباراتهم الإيدولوجية ويريدون تسيير دفة الأمور وفقاً لأهدافهم ومصالحهم المرتبطة بالخارج وهم بمحاولتهم تقويض سلطة الرجل يضعون في حسابهم إثبات هيمنتهم على الحكومة والدولة اللبنانية ويبعثون برسائل لجهات إقليمية ودولية يأتي في مقدمتها أن لا صوت يعلو على صوتهم وفي الوقت عينه يتخيلون أنهم ينالون من الدولة التي ساندته ووقفت إلى جانب والده ونقصد بذلك المملكة فليس سراً أنها الداعم القوي والفاعل الذي أوصل الحريري الأب إلى سدة الحكم في لبنان ولكنها عندما قامت بذلك حرصت على توافق كل اللبنانيين وبمباركة الجامعة العربية وفي العلن وهدفت إلى إنقاذ لبنان وإعادة بناءه وتعميره بما يحقق آمال الجميع ولم تكن تهدف إلى الهيمنة على هذا البلد والإنتقاص من سيادته أو جعله تابعاً لها ومنفذاً لسياساتها في المنطقة وإن حدث توافق أو تقاطع مصالح فهذا أمر طبيعي وكلا البلدين عضوان في الجامعة العربية وأهدافهما قد تكون متقاربة في كثير من المجالات وهذا بالتأكيد ليس حال الدول التي تدعم الطرف الآخر في لبنان والمناوئ لكل مشروع يخدم لبنان وبالذات إن كان ببصمة سعودية ومواصفات عربية ونعني بذلك إيران وحليفها الأول في لبنان والمنطقة ذلك الحزب المسمى "حزب الله" والذي كانت أحدث صولاته وجولاته تلك العربدة التي مارسها جهاراً نهاراً في مطار بيروت من أجل منع يد القضاء اللبناني من الوصول لمن أزبد وأرعد وهدد بالنيل من رئيس وزراء لبنان حيث مارس الحزب إستعراض قوته المعتاد وتحدى سلطة الدولة والقانون وهو الذي دائماً يشجينا بإسطوانته المشروخة عن السيادة اللبنانية وضرورة إستعادة أراضي لبنان لتحقيق هذه السيادة والقبض على عملاء إسرائيل ومحاكمة المفسدين لبسط هيبة الدولة والقانون فيأتي هو ويضرب بعرض الحائط بكل وقاحة هذه السيادة وتلك الهيبة وقد سبق له فعل أبشع من ذلك عندما هاجمت ميلشياته بيروت عام 2008 فيما عُرِف لاحقاً بأحداث السابع من مايو أيار من أجل فرض مطالبه على فريق الأكثرية فما لا يستطيع أن يحصل عليه بالإنتخابات يناله بقوة السلاح بعد أن عطل عمل الحكومة بالمنكافات السياسية التي لا تتناسب والإستحقاق الإنتخابي لفريق الأغلبية وأصاب مؤسسات الدولة بالشلل التام من خلال العصيان المدني فكان له ما أراد وتمت مكافأته فحصل على الثلث المعطل في إتفاق الدوحة الذي أعقب الهجوم ومن هنا بدأت الكارثة لأن التنازلات تقود إلى مزيد من التنازلات وتحديداً إذا شعر الطرف المستفيد حقاً من هذه التنازلات أنها تمت بدافع الخوف ومن منطلق الضعف .
وفي إعتقادي أن حديث الحريري للشرق الأوسط والذي برأ فيه سوريا من دم الشهيد الرئيس كان عنوان السقوط في الهاوية فلم يكن هذا التصريح مبرراً حتى في حالة عدم تورط نظامها بشكل مباشر في جريمة الإغتيال فالكل يعلم أنها كانت الآمر الناهي في لبنان طوال عقود من الزمن وأن ذراعها الأمنية والإستخباراتية متغلغلة في كافة مفاصل الساحة اللبنانية وبالتالي فإن إحتمال مسؤوليتها بشكل أو بآخر وارد كما أن النظام السوري كان على خلاف مع الرئيس الشهيد ومن الطبيعي أيضاً أن حليفها "حزب الله" المتهم بالجريمة لا يمكن أن يقدم على هكذا عمل بدون الحصول على الموافقة أو على الأقل عدم الإعتراض فلا دعم يمكن له الوصول إلى الحزب حتى من إيران دون مروره عبر الجارة سوريا ثم أن التوقيت لم يكن موفقاً فهناك محكمة دولية تستعد لإصدار قرارها الظني ... فهل كان الحريري على قناعة تامة بما تضمنه حديثه ؟ أو أن ما جاء على لسانه وإختيار هذا التوقيت كان متعمداً لعلمه بحيثيات القرار وعدم تضمنه للنظام السوري فأراد بذلك أن يستبق صدوره ويبادر من تلقاء نفسه للإعتذار حتى لا يكون في موقف محرج داخلياً وخارجياً بعد كل إتهاماته السابقة وهو بذلك وبحسبة سياسية يعتقد بأنه قد ينجح في إحداث خلخلة في العلاقة بين هذا النظام والحزب أو كأضعف الإيمان قد يفلح في فك الإرتباط بينهما بالنسبة لمسألة الإغتيال وتحييد النظام السوري بحيث يترك الحزب يواجه نتائج القرار دون أن تتأثر العلاقة المتنامية إيجاباً بين لبنان وسوريا وبمعنى آخر هل نستطيع القول أن الإبن المكلوم يريد أن يتنازل عن ثأره لدى النظام السوري للحفاظ على هذه العلاقة معه وتطويرها وفي مقابل تمكينه من الفاعل المباشر ؟ فمهما تحقق لحزب الله من دعم ومؤازرة من قبل إيران فالمهم إبقاء سوريا بعيداً عن ذلك فهي الجار العربي الذي لا غنى للبنان في كل الأحوال عن التعامل معه إقتصاياً وسياسياً وأمنياً ولكن مع ذلك فلم يكن من المناسب أن يكون تصريحه على هذا النحو الذي أظهر النظام السوري وكأنه حمل ٌوديع وأنه بريء براءة الذئب من دم يوسف (نأمل ذلك)فالقرار قد يوجه أصابع الإتهام للطرف الذي باشر تنفيذ عملية الإغتيال وهذا لا يعني أن الطرف غير المتهم رسمياً بريء فنحن نعلم أن مثل هذه القرارات تبنى على أدلة وشواهد وفي حالة عدم الكفاية قد يخرج المتهم من دائرة الإتهام ولكن هذا لا يعني البراءة المطلقة وخاصة عندما نكون أمام جريمة مثل التي حدثت وهناك أمور يمكن للمرء إستنتاجها من معطيات على أرض الواقع كما أسلفنا ولذلك فإن المبادرة إلى الحديث عن الخطأ في حق النظام الرسمي السوري وأهمية رد إعتباره كما جاء على لسان الرئيس المحاصر/سعد الحريري أمر غير مفهوم أقله في عالم السياسة وبعد كل الذي قاله في حق هذا النظام فقد كان بالإمكان ترك الباب "موارباً" أي أن يكون التصريح قابلاً للتأويل والتفسيرات المختلفة وبعد التعرف على طبيعة ردود الفعل يمكن توضيح التصريح بما يخدم الأهداف السياسية التي ينشدها تيار المستقبل والذي زاد الطين بله تناول الحريري للشهود الزور ودورهم في ذلك والذي تم فيما بعد إستثماره من الجانب الأذكى والأقوى فسارع إلى إقتناص الفرصة الذهبية التي جاءته كطوق النجاة الذي طال إنتضاره وتقديم لا ئحة مطالب أهمها وإن أخفاها تبرئة ساحته من الضلوع في جريمة الإغتيال وجعل ذلك حجةً له لبدء حملة إعلامية وسياسية شرسة أظهرته كصاحب حق أكثر من صاحب الحق المطالب بالحقيقة وبثأر والده بل وثأر لبنان بكل أحراره والوطنيين فيه .
ومع كل تعجبي وإستغرابي لهذه التنازلات والتحول الدراماتيكي في موقف الحريري الإبن من قضية والده ومن أعداء الأمس إلا أنني ألتمس له بعض العذر لأن خصومه على درجة عالية من الخبرة السياسية والمكر والدهاء كما أن القوة التي بين أيديهم وهذا الأهم جعلتهم يوجهون الأمور لصالحهم حتى وصلت لما وصلت إليه في مقابل خبرة متواضعة وضعف واضح وقد يكون العامل الأخير هو الذي يعيق القيام بالدور السياسي المطلوب في الحالة اللبنانية ولكن كيف لنا أن نفهم عدم توقع الحريري وفريقه لرد الفعل المضاد للطرف الآخر وتحديداً تجاه تصريح "صك البراءة" مما جعله يخسر حتى المعركة الإعلامية وهو يمتلك شبكة إعلام متنوعة تتيح له إمكانية المواجهة بقوة بل والتفوق الكاسح .
أعلم أن المشهد السياسي اللبناني معقد لكن أردت فقط تسليط الضوء على ملامح رئيسة فيه وبإيجاز ومن واقع ما حدث مؤخراً وقد يتسائل البعض عن دوافع كتابتي في شأن سياسي خارجي وأنا لست بكاتب يومي ولا علاقة لي بالسياسة وشئوونها فأقول أن العملية ليست سياسية صرفة وإنما تحمل في طياتها الكثير من الجوانب الأمنية التي وبدون الدخول في التفاصيل لها تأثير بصورة أو بأخرى على الإستقرار في المنطقة وسوف يزداد الوضع تعقيداً بعد صدور قرار المحكمة الدولية المرتقب وإذا ما ترك لحزب الله العنان ليستمر في صلفه وغيه وفي حال بقاء إيران الفارسية تسرح وتمرح دون رادع ومن جهة ثانية  فالحالة السياسية لأي بلد عربي قد تمتد آثارها السلبية لباقي الدول العربية وتحديداً المستهدفة عندما تكون هناك جهات إقليمية غير عربية لا عباً أساسياً فيها ولديها أجندة خاصة بها كما أنني متابع جيد لقضايا السياسة الدولية وبالذات ما يختص منها بعالمنا العربي والمملكة إضافة إلى أهمية أن نعرف الحقيقة المغيبة والتي تتمثل في المسئوول عن إغتيال الرئيس الحريري شأننا في ذلك شأن الملايين من الشرفاء في هذا العالم وقد يكون لنا نحن السعوديون رغبة أكثر في ذلك لأن مسرحية الإغتيال التي كان بطلها المزعوم "أبو عدس" أشارت إذا لم تُخطئِني الذاكرة إلى أن إغتيال الرجل كان بسبب عمالته للمملكة وأمريكا في محاولة بائسة ويائسة للتظليل والفتنة والإساءة لسمعة المملكة من خلال الزج بإسمها في جريمة سياسية بشعة وقذرة ومع دولة يُنظر له بعداء في معظم الدول الإسلامية ولدى عموم المسلمين في مختلف دول العالم بسبب دعمها لكيان عنصري يحتل أراضي عربية إضافة إلى ما أثارته بعض الأقلام المأجورة في الآونة الأخيرة من إتهام صريح للمملكة في عملية الإغتيال الآثمة .






أنا والكلاب

في يوم الأحد الثالث من أيام عيد الفطر المبارك لعام 1431ه أعاده الله على الجميع باليمن والمسرات كنت في زيارة عائلية في ضاحية لبن المتعارف عليها شعبياً "بالأحمدية" والواقعة غرب مدينة الرياض وفي تمام الساعة الثامنة والربع مساءً وبعد أن فرغت من أداء صلاة العشاء في المسجد القريب أحببت أن أسير مشياً على الأقدام في المنطقة المحيطة والمحاذية لوادي لبن الذي تكثر فيه الكلاب الضالة وعند مضي بعض الوقت وقطع مئات الأمتار بادرت مجموعة من الكلاب بالنباح المزعج وهم بعضها بالتحرك بإتجاهي فتناولت عدداً من الحجارة الصغيرة ورميت بها على هذه الكلاب غير قاصدٍ إيذاءها وإنما لمداعبتها ولإستكشاف ردة فعلها فهرب بعضها وبقي الآخر ينبح في مكانه فواصلت طريقي وقد حدثتني نفسي بالشبه بين هذه الكلاب وكلاب أخرى "أعزكم الله" ولكنها من فصيلة البشر وهي تتقن كذلك النُباح ولكن خلسةً ومن بعيد والتي أشرت لها في مقال سابق بعنوان "رسالة إلى من حالت بيني وبينه شياطين الجن وكلاب الإنس" .
وعوداً على ذي بدء وللحديث عن الأهم ففي أثناء عودتي بعد حوالي ساعة مررت بذات الطريق فشاهدت هذه المجموعة من الكلاب على الجهة المقابلة للجهة الأولى أي على يمين الطريق بعد أن كانت على يميني في طريق الذهاب فَفَعَلت ما فَعَلته سابقاً ولكن بصورة أكثر شراسةً حيث تحرك بعضها نحوي ببطء وفَعَلت أنا ما فَعَلته أيضاً (ليتني لم أفعل) فهذه المرة كان الوضع مختلفاً فبعد أن هرب بعضها وتحركت أنا لإستكمال طريقي أنطلق أحدها مسرعاً نحوي ثم تبعه أثنان أو ثلاثة والبقية في مكانها تنبح وتراقب الوضع عن كثب فما كان مني كسلوك طبيعي إلا أن قمت برد فعل مضاد فعمدت إلى مواجهتها بالحجارة وعندما لا حظت إصرارها على مهاجمتي تقدمت نحوها بخطوات بالرغم أنني شعرت ساعتها بالخطر وفكرت أنني لن أخرج سالماً أو بدون إصابات من جراء هذا الهجوم الشرس وعندما أصبح أولها على مقربة مني بمسافة لا تزيد عن المترين توقف فجأة وقفلَ عائداً أدراجه فتبعه البقية فتنفست الصعداء وشعرت "بشجاعتي" التي كنت على وشك الترحم عليها فأستجمعت قواي وواصلت لدقيقة أو دقيقتين قذف هذه الكلاب المتوحشة بما كان بين يدي من حجارة فلاذت بالفرار .
والحقيقة أن أصعب ما في هذا الموقف وأكثرها تعبيراً عنه هي تلك اللحظة التي ألتقت حينها عيناي بعيني قائد الكلاب المهاجمة فقد رأيت في عينيه رغبة جامحة للنيل مني ومع أنه كان فاغراً فاه مكشراً عن أنيابه إلا أن نظرات عينيه هي التي أثارت إهتمامي من حيث دلالات هذه النظرات وحدتها كما أن هذه اللحظة كانت من أكثر اللحظات التي أشعرتني بالمتعة والقوة فقد كانت هي الحد الفاصل بين الشجاعة والخوف وهي التي حسمت الموقف والحقيقة أنني كنت مذهولاً لما حدث من حيث الجرأة والشجاعة التي تميزت بها هذه الكلاب إضافةً إلى مفاجئته لي وعدم خوضي مثل هذه التجربة من قبل .
وللمقارنة بين فصيلة الكلاب الحيوانية وفصيلة البشر الكلاب نستطيع القول أن السلوك الذي أنتهجه النوع الأول من الكلاب كان مشابها في بعض صوره لسلوك الكلاب البشرية من حيث النُباح والإستقواء ببعضها البعض ولكنه مختلفاً من حيث أن هذه الكلاب أكثر شجاعة من البشر الكلاب فبعد أن كانت خائفة في المحاولة الأولى تجرأت في الثانية وأرادت أن تفعل شيئاً يحسب لها ويشفي غليلها كما أنها تفعل عادة ذلك لإشعار من يقترب منها بالخوف أو للدفاع عن نفسها بينما البشر الكلاب يكثرون من النُباح فقط لتحقيق غايات خبيثة ووضيعة كوضاعتهم وهم يعلمون علم اليقين أنهم في مأمن ولن يعيرهم الرجل الواثق من نفسه أي إهتمام وتحديداً إذا كان قد خبر حقيقتهم فيستمرون في نُباحهم المعهود ويكررون ذلك مراراً لشدة الرعب الواقع في نفوسهم ولكنهم لا يفعلون أي شيء يذكر كما أنه لا يمكن لهم حتى الإقدام على محاولة النُباح عن قرب بل ينبحون في أماكنهم وهم في حالة إستعداد وجاهزية تامة للهروب السريع ولذلك تجدهم مع أول إلتفاتة نحوهم يولون الأدبار وهذا مما يثير لدينا الضحك والإستهجان معاً (شر البلية ما يضحك) ثم أن النباح من طبيعة الكلاب فهذا لا يعيبها لكن أن يصبح البشر كلاباً ويتحولون إلى كائنات سائبة ومخلوقات تشبه الكلاب من حيث السمات الظاهرية فتكون لهم ذات الصفات السلبية بينما لا يحضون بما تتصف به الكلاب الحقيقية من شجاعة ووفاء لصاحبها أو صاحب الفضل عليها بل وفراسة تدرك بها معادن الرجال فهذا بحق قمة الخُسران مع كونه غباءٌ مركب وأصل الخسة ومُنتهى الدناءة وغاية السخف وكل الإنحطاط فطوبى للكلاب الأصيلة ولها مني كل الإحترام وكامل الإعجاب وعزاءي للبشر أشباه هذه الكلاب شكلاً وصوتاً والمختلفة في المضمون والفعل مع خالص رثاءي وبالغ شفقتي وصادق دعواتي بأن يشفيهم الخالق من مرض النُباح وهم في وضع الإنبطاح وأن يرد لهم هيئتهم الأصلية وخلقتهم البشرية ولكن أخشى ما أخشاه أن تكون هذه هي طبيعتهم الأم وخلقتهم الأولى ولكنهم كانوا كلاباً على هيئة بشر ثم ظهروا على حقيقتهم بفعل عدم قدرتهم على التكيف مع عالم البشر فوجدوا أن عالم الكلاب أكثر ملائمةً لطبيعتهم فأندمجوا فيه وتكيفوا معه أيما تكيف (أتمنى أنهم وجدوا أخيراً ضالتهم التي يبحثون عنها) مع خشيتي أيضاً بأنهم يشعرون بالنقص وبأنهم أدنى مرتبةً من العالم الذي فرحوا بالإنتماء إليه وسعدوا بالعيش فيه .

هل رحلت بفعل السُقام أم لم يطب لك فينا المُقام ؟


في بعض المواقف تتمنى لو تركت لقلمك العنان حتى يسطر أغزر المعاني وأجمل العبارات وأكثرها عزاءً للنفس ولكن عندما تعظم الفاجعة فإن القلم لا يسعفك والمعاني تصبح عصية على الحضور بين يديك فتخونك ذاكرة البلاغة ويعجز اللسان عن التعبير عما يخالج النفس ويعتريها من مشاعر فياضة وأحاسيس صادقة ويُحار المرء في اختيار الكلمات المناسبة لحجم هذه الفاجعة ولعمري هذا ما دهاني عند رحيل رجل بقامة الأديب الوزير/غازي القصيبي فرحيله بحق فاجعة بكل ما تحوي هذه الكلمة من معنى أتفق معنا من أتفق وأختلف معنا من أختلف فهو الرجل المتفق فيه والمختلف عليه وهذا لا يضيره بل يزيده شرفاً على شرف فأي كلمات تغنيك وتتيح لك وصف الفاجعة وأي معاني يمكن لها أن تفي الرجل الكبير حقه وكيف يتسنى لنا أن نختار ألفاظ الأدب ونقلب بطون الكتب لرثاء من كان قاموس الأدب ولأجل ذلك نخاطبه بإيجاز وبخجل قائلين : سنرثيك وإن عاتبنا الأقربون وهاجمنا الأبعدون وسوف نبكيك وإن غضب منا الناقمون عليك والسطحيون .
أه يا فقيد الوطن رحلت ورحلت معك الكثير من الأحلام غبت عن دنيانا وغابت معك أمال فلمَ ترجلت عن صهوة جوادك ولم ينتهي بعد السباق ؟ وعلاما استعجلت الرحيل ولم نحظى منك بلحظة عناق أو بصحبة الرفاق ؟ فهل كان ذلك بفعل السُقام أم لم يطب لك فينا المقام ؟ أم تُراك سئمت حياتنا حياة القيل والقال أو أنك مللت الصهيل يا رجل الدولة الأصيل فاخترت البعد وطول المنام فهل نرثيك أم نرثي أنفسنا هل نبكيك أم نبكي واقعنا وهل نحزن عليك أم نحزن لحالنا فكم ضاقت الأرض بما رحبت لفراقك وكم تألمنا لوداعك نعم مثلك من الرجال يستحق أن يرثى بقلوب خاشعة وعيون دامعة ونفوس شامخة فأنت الرجل المخلص في زمن قل فيه المخلصون وأنت الشجاع في زمن كثر فيه الجبناء وأنت الصادق في بحر من الكذب والنفاق وأنت المبدع قبل أوانه وأنت صاحب الفكر الذي سبق عصره وأنت الإستثناء إذا أنعدم الإستثناء بل أنت النماء في أرض بلا ماء وأنت الروض الأخضر في الأرض الجدباء وأنت المجاهد بالقلم وشهيد الكلم وأنت الرجل الصعب في الزمن الأصعب وأنت المعدن النفيس في زمن المعادن الرخيصة وأنت العملة النادرة في زمن العملات المزيفة .
أنت الشاعر الوزير والمفكر السفير وأنت الروائي القدير ولهذا أحبك الكثيرون وسخط منك الكثيرون وحسدك الكثيرون ووشى فيك الكثيرون ونال من وطنيتك ودينك الكثيرون وجلهم أحبوك وكرهوك ولم يعرفوك ولكن طارت بأخبارك لهم الركبان فسمعوا عنك وقرآوا لك والسواد الأعظم منهم للأسف لم يقرأ أو لم يفهم إلا العنوان .
يا ابن القصيبي وداعاً أيها الفارس النبيل وسلاماً أيها الشيخ الجليل وأعلم أن لا عزاء فيك وإن كثُر المعزون وعظمت منازلهم وإن كان من عزاء وحيد فهو رحيلك من دار الفناء والشقاء إلى دار البقاء والهناء وأن روحك الطاهرة غادرت دُنيا الجحود والنكران إلى حيث الأجر وعظم الثواب في حُسن الجِنان ومما يخفف المُصاب في فقدانك ورحيلك أنك رحلت جسداً وبقيت فينا فكراً وأدباً .
نم قرير العين مطمئن النفس فنحن نعاهدك يا ابن الوطن البار وسيفه المغوار يا من علمتنا دروب الكفاح والنضال أننا على نهجك سائرون وعلى طريق الفلاح والصلاح سنمضي عازمون والعار كل العار إذا نحن لم نكمل المشوار فبعون الواحد الأحد القاهر الصمد ثم بدعم المليك باني المجد والإصلاح لن تسقط أقلامنا أو تجف في مقارعةِ أعداء الدين والوطن المتنفذون من أصحاب الهوى والمصالح والرجعيون دعاة الخوى ولُباس المشالح فإلى جنات الخلد وصحبة الأخيار ونعيم الأبرار يا أبا يارا .
نشر هذا المقال في صحيفة الرياض بعددها رقم 15398وذلك في يوم السبت 11رمضان 1431ه الموافق 21أغسطس2010م .

معالجة الأبدان أم المتاجرة بالقرآن !

من المسلمات في المجتمع السعودي بل والعربي بوجه عام أن في القرآن الكريم شفاء للأمراض لكن لا أحد يخبرنا بوضوح عن كيفية وماهية ذلك فهل هذا الشفاء للأمراض النفسية أم العضوية أو كليهما معاً ؟ وهل يشمل كافة الأمراض ؟ فإن كان الأمر كذلك فما حاجتنا للمستشفيات ومراكز الأبحاث الطبية وبالتأكيد سوف يقول الكثيرون أن ذلك ورد في محكم التنزيل ولا يمكن الجدال فيه فنجيب بأن لفظ الشفاء كما جاء في النص القرآني يشير إلى ذلك ولكن ليس بالضررورة أن يكون المعنى الذي فهمه الناس هو المقصود فمن المعلوم أن الإعجاز اللغوي والبلاغي والمجازي في القرآن يسمح بوجود تفسيرات مختلفة لماهية هذا الشفاء والذي قد يتمثل بالشفاء الروحي أو الشعور بالإرتياح والهدوء النفسي عند قراءة القرآن وتدبر معانيه وماورد فيه من قصص ومواعظ وقد يكون أيضاً بمعنى تحقيق مصالح الناس وصلاح حالهم وإنتظام معاملاتهم وشؤون حياتهم الدنيوية إذا التزموا بمضمونه ومحتوى التوجيهات الربانية فيه وربما يكون هذا الشفاء بمعناه الظاهر في جوانب محددة مثل ما أشارت إليه الآيات الخاصة بالرضاعة والفطام وتجنب مس النساء في أوقات الطمث والحيض وتحريم الفاحشة وشرب الخمر وأكل لحم الميتة ونحو ذلك مما أكتشف الطب الحديث حقيقة أثاره السلبية ومخاطره الصحية على الفرد والمجتمع أي أن الأمر ليس وفق المفهوم السائد في الوقت الراهن .
ما سبق لا يتعدى كونه وجهة نظر شخصية في ظل غياب رؤية واضحة وتفسير دقيق وهو محاولة لفهم المعنى الصحيح لآية الشفاء وحقيقة ما يجري على أرض الواقع من إعتقاد راسخ لدى شرائح واسعة في المجتمعات الإسلامية مفاده أن قراءة القرآن على المريض تجلب له الشفاء بالرغم أنه حتى الآن لم نرى نماذج أو شواهد فعلية تؤكد هذا الإعتقاد وما يشاع حول ذلك لا يتجاوز حالة الوهم التي يعيشها ويعشقها عوام الناس وإن وجدت أمثلة لبعض الحالات لا يعتد بها فهناك من يبادر بالتداوي لدى مشايخ القراءة ثم يتوجه للعلاج في المراكز الطبية المتخصصة وأحياناً العكس وعندما تتحسن حالته ينسب ذلك لقرآءة المشايخ إنطلاقاً من قناعته الذاتية وقد يُشفى المريض بدون أن يكون للطب أو القراءة أي دور في ذلك وهذا كله بفضل الخالق عز وجل فهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى .
والحقيقة أن الإشكالية لا تكمن في تفسير الآية وفقاً لظاهر النص أو أي تفسيرات أخرى ولكن أيضاً في مخالفة مدلول نص الآية من قبل مَن يرون ذلك وإلا كيف نفسر إقبالهم على أشخاص معينيين يدعون قدرتهم على معالجة المرضى ابتداءً بالصداع وانتهاءً بالإيدز؟ (حمانا الله وإياكم) وبإمكانهم قرآءة القرآن على أنفسهم ومن لا يستطيع فليفعل ذلك ذووه وإن كان الأمر شاقاً عليهم فليحضروا أشرطة كاسيت لأفضل المُقرئين قراءةً وشهرةً ويستمعون لها وخاصة أننا كمسلمين نعتقد بأهمية أن تكون قراءة القرآن بإخلاص وبنية صادقة لكي تؤتي ثمارها والسؤال كيف يتأتى هذا بعد أن تحول الإيمان بالقرآن كمعجزة إلى وسيلة للمتاجرة واستغلال مشاعر الناس بل وسذاجتهم ؟ فعيادات ما يسمى " المعالجة بالقرآن" أصبحت في كل مكان وهمها الأول استنزاف الجيوب بصورة غير مقبولة على الإطلاق ومن العار التزام الصمت حيالها فكل شيء في هذه العيادات بأضعاف سعره في الخارج والقارئ يحصل على مبالغ طائلة في مقابل قراءته على المريض ومن لا يأخذ شيئاً على قراءته ليظهر أمام الناس بأنه يقرأ لوجه الله (نتمنى ذلك) وهو في الحقيقة يبحث عن التسويق لنفسه من خلال الدعاية الشعبية التي يحتاجها فإنه يعوض ذلك من خلال بيع علب زيت الزيتون والماء والأعشاب بأنواعها بل وحتى الكريمات ومرطبات البشرة بأسعار مبالغ فيها بحجة أنها خضعت لقراءة فضيلته والغريب أن بعض هذه الأنواع يباع كمجموعة واحدة لم يفتح بعد غلافها ولكن هي أيضاً تمت القراءة عليها ولست أعلم ما هو الرابط بين المعالجة بالقرآن وهذه المواد .
وهذا لا يعني عدم وجود من يقرأ بدون أي مقابل وبلا أي دعاية وهؤلاء نحسن الظن بهم ولكنهم في كل الأحوال قلة كما أنهم ليسوا موجودين دائماً وأياً كانت النوايا والأهداف فإن كان الشفاء بفعل قراءة هؤلاء وهؤلاء فمن المناسب التوجه بهم مجتمعين إلى خزانات المياه في المدن ليقرأوا وينفثوا كما يحلوا لهم حتى تكون الفائدة أعم وأشمل وبأقل الجهد والتكاليف .
والسؤال الأهم هل كانت المعالجة بالقرآن شائعة على هذا النحو في عصور الإسلام السابقة ؟ فإن كانت الإجابة بالنفي كما تنبئني بذلك معلوماتي المتواضعة فلماذا لم يتم اعتبار مثل هذه الممارسة بدعة ؟ وأعني بذلك مزاولة القراءة كمهنة كحال الكثير من الأمور التي طرأت على مجتمعنا السعودي فتم التصدي لها وتحريمها بدون أي مبرر شرعي مقبول أو أن الأمر يصبح مختلفاً عندما يكون مصدر هذه البدعة أشخاص يتلبسون بلباس الدين ليخلطوا الحق بالباطل وخاصة عندما يصاحب ذلك منفعة شخصية مادية واجتماعية .
أعتقد أنه لم يعد من اللائق استمرار مثل هذا الغش والخداع وأنه أصبح لزاماً على الجهات المعنية التوقف عن إتباع سياسة حسن النية والعمل بحزم على تجريم مثل هذه الممارسات التي تقع في دائرة النصب والاحتيال بل وأسوء من ذلك بكثير فهي تسيء إلى أعظم دين عرفته البشرية من حيث تشويهها لصورته الرائعة وتظهر أتباعه وكأنهم مجموعة من السذج أو المحتالين وحتى لا يتهمنا البعض ممن دأبوا على اتهام الآخرين بما ليس فيهم والذين لا يفقهون من أمرهم شيئاً فكيف بالأمور الدينية أننا بذلك ننكر معلوماً من الدين بالضرورة ونهدف إلى الطعن في حقيقة الرقية الشرعية فإنه لابد من التأكيد على أن المسألة ليست كذلك سواءً كانت الرقية من المعلوم من الدين بالضرورة أو لا وأن واقع الحال والتناقضات التي يتم التعامل بها مع الآية القرآنية والرقية والنتائج المترتبة على ذلك هو الدافع الرئيسي الذي دعانا للكتابة بهذا الشأن وبناءً عليه فإن المطلوب إعلان موقف واضح مما هو حاصل الآن وتوعية الناس بالمدلول الحقيقي للآية والرقية الشرعية الصحيحة وإن كان لا بد من إستمرار وجود هذه العيادات إلى حين لتفادي التصادم مع قناعات الناس وسوء ظنهم فمن الضروري التعجيل بإعداد لائحة تتضمن ضوابط محددة لمزاولة الرقية يأتي في مقدمتها إيقاف المتاجرة بكلام الله ومنع الإنفراد بالنساء والضرب للمرضى تحت أي مبرر (سبق أن حدثت حالات وفاة وتحرش نتيجة لذلك) إضافة إلى المراقبة الصحية للمواد التي يتم بيعها كعلاج للتأكد من عدم تسببها بأي ضرر للصحة وتغليظ العقوبات المترتبة على مخالفة بنود هذه اللائحة وأن تكون عملية مزاولة المهنة وفق تصريح صادر عن الجهة ذات العلاقة بحيث يمنح هذا التصريح للرقاة في إطار شروط محددة ومن لا تنطبق عليه هذه الشروط لا يحصل على التصريح اللازم ويمنع من مزاولة هذه المهنة المربحة حتى في حالة البيع تبعاً لأسعار السوق .

سفير ولكن

ليس من المستغرب أن يتعرض السائح في أي بلد لما قد يكدر عليه صفاء رحلته ومتعة السفر وخاصة في الدول العربية لكن أن يصبح ذلك منهجاً متكرراً وحالة شبه عامة تحديداً مع مواطني دول الخليج والسعودية بالذات ونحن هنا نتحدث عن سوريا بلد ما يعرف ( بالصمود والتحدي والقومية العربية ) فمن المعلوم أن أكثر مرتادي سوريا في الصيف وعلى مدار العام هم من المملكة بحكم القرب الجغرافي فإن الأمر يستحق عناء التوقف والتمحيص والمراجعة وما حدث في الآونة الأخيرة من ترهيب مواطنين سعوديين وسلب سياراتهم تحت تهديد السلاح سبقه الكثير من الحوداث سواءً كانت بنفس الحجم أو أقل إبتداءً من حادثة القتل التي تعرض لها ضابط سعودي والتي حتى الآن لا نعرف إلى ما أنتهت إليه نتائج التحقيق بشأنها وهل تم التوصل إلى الجاني أو الجناة مروراً بحوادث النصب والإحتيال والإبتزاز فلا يكاد يوجد سائح سعودي واحد زار هذا البلد لم يتعرض لأي نوع من المضايقات وفي هذا المقام قد تجد من يقول لك أن العرب أيضاً قد يتعرضون لمثل ذلك في المملكة فنرد بأن هناك فرق بين الإقامة الدائمة التي من الطبيعي أن يواجه الإنسان فيها بعض المواقف السلبية كما أن هذا ينطبق على المواطن السعودي وبين الإقامة المؤقتة المتمثلة في السياحة أو حتى المرور اثناء الإنتقال من بلد لآخر كما أن الوضع مختلف فأنت هنا تستهدف بصفتك سائح وسعودي وبصرف النظر عن هذا كله فإن الأهم من وجهة نظري كيف يتم التعامل معك كمواطن سعودي عندما تكون ضحية لهكذا نوع من الحوادث والمواقف المؤسفة من قبل سفارة بلدك ولكي نكون واضحين ومحددين فإن ما ذكره المواطن الذي تعرض وعائلته للرعب على أيدي مجموعة من قطاع الطرق في سوريا مؤخراً من أن السفارة لم تقدم له الرعاية المطلوبة هو بيت القصيد وهو أيضاً جوهر القضية وأنا على يقين أن المواطن لو وجد الإهتمام والجدية اللازمين لما أتهم السفارة بالتخاذل في تقديم العون والمساعدة له ولأسرته فالمسألة ليست مادية فقط وإنما إحتواء ومراعاة للحالة النفسية للمواطن وأسرته وسرعة تنسيق مع الجهات الأمنية في سوريا لضبط الجناة حتى وإن لم يسفر هذا التنسيق عن نتيجة تذكر فالمواطن سوف يلتمس العذر لسفارته ثم أنه ليس من المعقول أن يتنكر الإنسان لسفارة بلده إذا وجد منها فعلاً حقيقياً يستحق الذكر والشكر وخاصة أنها ملاذه الوحيد هناك والتصادم معها بغير الحق ليس في صالحه ومما يجعلني ميالاً لتصديق هذا المواطن كان الله في عونه أن السفير الشعلان عندما علق على هذه الحادثة لم يرد في تصريحه أي إشارة للإجراءات التي قامت بها السفارة بل أكد بما معناه أن السياحة في سوريا على أحسن حال وأنه لم تقع خلال موسم هذا الصيف إلا حادثتين فقط وهو يعني بذلك على ما اعتقد حادثة السطو المسلح التي أشرنا لها أعلاه وواقعة إطلاق النار على المحامي الشمري فبالله عليكم هل نسي الشعلان أنه سفير المملكة وليس متحدثا بإسم وزارة السياحة السورية فبدلاً من التقليل مما حدث والتأكيد على أن السياحة في سوريا بخير كان الأجدى والأولى به أن يخبرنا ماذا فعلت السفارة لمساعدة مواطنيها أم أن السفير تحركت لديه مشاعر الإنتماء القديم في أرض له فيها موقع قدم أو أن علاقاته مع المسؤلين في سوريا وأعيان البلد هناك تحتل لديه مرتبة أهم من قضية مواطن بسيط ...عفواً وعذراً لهذا التحليل فقد يكون السفير على غير هذا الحال ولكن تصريحه الذي لم يتضمن أي نصائح أو إرشادات لمواطني بلده حتى لا يكونوا عرضة لهذه الحوادث المؤسفة هو الدافع الرئيسي لتبنيه ثم لماذا ركز السفير فقط على حوادث السطو المسلح وتجاهل غيرها من القضايا اليومية من الإبتزاز والنصب ثم هل غاب عن سعادته أن ما يصل للسفارة بالتأكيد هو أقل مما يحصل في الواقع وهذا الرأي لا يعكس تجاهلنا لأهمية اللغة الهادئة في العرف الدبلوماسي إلا في حالة وجود أزمات سياسية حادة بين الدول ولكن هذا أيضاً لا يعني بالضرورة عدم التعرض لحقائق الأمور أو التحدث وفقاً لما يريده الطرف الآخر أو يخدم مصالحه فسلامة المواطن وكرامته وهيبة الوطن وسمعته أهم من أي إعتبارات أخرى .
وفي كل الأحوال لو وضع كل سفير سعودي نصب عينيه التوجيهات السامية لخادم الحرمين الشريفين في التعامل مع المواطن السعودي لما أضطر للجوء للصحافة للتعبير عن معاناته فحفظك المولى يا أبا متعب وشكراً لصحافتنا .
نشر هذا المقال في صحيفة الرياض بالعدد رقم 15384وتاريخ 26شعبان 1431ه وذلك في يوم السبت الموافق 7أغسطس 2010م .

هذا الإعلام يستفزني

في معظم مجتمعاتنا العربية لا نستغرب وجود إعلام تقليدي أو إعلام يسير في ركاب الفئات المتنفذة وتتحكم به الأهواء والمصالح الشخصية وإن أختلفت النسبة من مجتمع لآخر أي أن الدور الأساسي للإعلام في نقد كافة الممارسات الخاطئة وكشف الحقائق غائب أو محدود وإن تم يكون في غالب الأحيان وفقاً لهذه الأهواء وهذه المصالح أو على الأقل لا يتعارض معها ولكن أن يتم توجيه هذا الإعلام بصورة تسيء إلى الوطن ورموزه في الوقت الذي يعتقد أو يتظاهر القائمون عليه أنهم فقط يساهمون في خدمته والدعاية له ولهم وأن المسألة لا تتجاوز ذلك أمر يجب عدم القبول به بل والتوقف عنده لتعريته وتصحيح مساره ولكي نتحدث بوضوح نذكر من ذلك على الصعيد المحلي ورود عبارة"سفير خادم الحرمين الشريفين" في نشرات الأخبار فكيف سمح هذا الإعلام لنفسه بالقفز على الوطن فمن المعلوم أن السفراء هم سفراء دول وحكومات وهذه التسمية المصطنعة من قبل إعلامنا هي إختزال للوطن وإساءة لنظام الحكم في المملكة لأنها تعطي إنطباع وتصور لدى الآخرين بأن إدارة شئون الدولة تتم بصورة متفردة وأحادية وأنه لا شورى في البلد ولا وزراء وأن الحكومة لا تملك من أمرها شيئاً وبالتأكيد فإن خادم الحرمين "حفظه الله" يرفض على الإطلاق أن يتم تكريس هذه الصورة السيئة عن دولة يتربع على قمة الهرم فيها ومن الأخبار التي تثير أيضاً حفيظة أي مهتم بالشأن الإعلامي تلك المتعلقة بأوامر الإخلاء الطبي فدائماً ما تشير هذه الأخبار إلى أن هذه الأوامر هي مكرمات لولي العهد بالرغم من أن إجراءات الإخلاء تتم وفق ضوابط محددة تقتضيها الحالة المرضية للمواطن الذي يتم نقله بالإخلاء وتتطلبها مستلزمات علاجه وهذه الخدمة العلاجية هي حق مكفول لمختلف فئات المجتمع وعموم المواطنين ولا يمكن أن يعتبرها سموه "حفظه الله" مكرمة من مكارمه التي ليست في حاجة إلى مثل هذه الأخبار لإثباتها وبالتالي فإن هذا "التخبيص" الإعلامي يسيء للوطن ورموزه ويثير الإستهجان وقد ظهر هذا جلياً في بعض التعامل الإعلامي مع كارثة سيول جدة أو ما يمكن أن نطلق عليه جدة "غيث" عندما بادر الكثير من الكتاب وكنت واحداً من هؤلاء إلى تناولها وتحليل اسبابها والمطالبة بمحاسبة المتسببين بحدوثها على هذا النحو والتحذير من تكرارها في مدينة جدة أو أي من مدن المملكة الأخرى ثم تواصل ذلك بعد صدور التوجيه السامي بتشكيل لجنة تقصي الحقائق حيث بارك الجميع هذا القرار وأشادوا به إنطلاقاً من تلبيته لتطلعات الرأي العام وترسيخاً لمبادئ الشفافية والمكاشفة والعدالة وهذا لا غضاضة فيه وإن كان هناك بعض التحفظات على جانب من الكيفية التي تم بها هذا التعامل إلا ان الوضع بعد إحالة المتهمين لهيئة التحقيق والإدعاء العام أصبح أكثر فجاجةً ويوحي للقارىء بأنه في مجتمع آخر غير الذي ينتمي إليه سواءً كان ذلك في التعامل الإعلامي المتمثل في التغطية الإخبارية الصحفية أو المقالات المنشورة وإلا كيف نستوعب هذا التهليل وعبارات الإعجاب بل التعجب المصاحبة له والقول أن هذه المحاكمة هي الأولى للفساد وهناك من وجه الشكر للملك واللجنة على هذه الإحالة ووجه الإنكار لدي على هذا التعامل الإعلامي يكمن في أسباب هذا التعجب فألم يكن من العدل والمنطقي أن يحدث ذلك في بلد نفاخر دائماً به أمام العالم أنه الوحيد الذي يحكم بشرع الله ويضم على أرضه قبلة المسلمين والمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وكان منارةً للإسلام ومنطلقاً للفتوحات الإسلامية العظيمة ثم مالذي يدعو للتعجب وولي الأمر فينا يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين ومنذ توليه وهو يؤكد على أهمية العدل ومحاربة الفساد وهكذا كان ديدن من سبقوه فقد دأبوا على التوجيه بتطبيق الشرع في كافة مناحي الحياة فهل كان هؤلاء يعتقدون أن شيئاً من هذا لن يكون وشكوا في حدوثه على أرض الواقع أوأنهم لم يكونوا على ثقة بجدية القرار الملكي بتشكيل لجنة تقصي الحقائق أو بما يمكن أن تسفر عنه من نتائج (بئس ما كانوا ما يعتقدون) ثم أليس من الطبيعي والبديهي أن يحارب الفساد في بلد مثل المملكة يتميز بكل ما ذكرنا سلفاً فإذا كان القانون يطبق بحزم ودون إستثناء في دول ليست إسلامية وتحكم بقوانين وضعية فهل يصبح ذلك عصياً لدينا او إن حدث ينظر له على أنه معجزة وامر إستثنائي وهل هذا يعني أن الموازين أنقلبت وصار الحق هو الإستثناء والقاعدة بدعة مستحدثة فإن كان الحال كذلك فلعمري أن هذا أصل البلاء وأس المتناقضات أم أن هؤلاء أرادوا أن يطبقوا المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد" حيث رأوا أن الفرصة سانحة لهم ليبالغوا في ردة فعلهم ويكيلوا المديح في غير موقعه طمعاً في شيء يختمر في نفوسهم ولكن من وجهة نظري أنهم أساءوا التقدير فما حدث هو الواجب الذي لا بد منه وخاصة أمام كارثة بحجم كارثة جدة وأعتقد جازماً أن ولاة الأمر لا يحبذون هذا "العك" وهذه المحاباة الممجوجة وهذا النوع من الإعلام الرخيص وهم أكبر شأناً من ذلك وأرفع مقاماً وليسوا في حاجة للشكر من هذا وذاك ومسئوليتهم رعاية شؤون المسلمين كما أمر المولى سبحانه وكما ورد في محكم التنزيل وهدي المصطفى الأمين ولا يرجون إلا ثواب العزيز القدير وعفوه .

إيران وإعلامنا والخليج العربي !

هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها عن قضية تكون إيران طرفاً فيها بالرغم من محاولتي تجنب ذلك ولكنني أجد نفسي في المناسبتين مضطراً فقد سبق لي الكتابة بشأن لجوء إيمان بنت أسامة بن لادن إلى سفارة المملكة هناك ورغبتها في الخلاص من المعتقل الإيراني الكبير أو بما عبرت عنه حينها في المقال بالإستضافة الجبرية أما دواعي كتابتي الآن فهي مختلفة وتتمحور حول محاولات إيران تأكيد إدعاءاتها المتكررة بأحقيتها التاريخية في الخليج العربي بإتباع كافة الأساليب والتي يأتي في مقدمتها تسميته بالفارسي في وسائل إعلامها وقد أخذت هذه الإدعاءات منحنى خطير وأكثر وقاحة عندما هددت قبل فترة قريبة بمنع شركات الطيران التي تشير إلى هذا الخليج بالعربي في خرائط الملاحة لديها من إستخدام مجالها الجوي والحقيقة أن الأمر لم يكن مفاجأة لمتابعي الأوضاع على الساحة السياسية في إيران فقد دأبت هذه الدولة على إمتداد السنوات الماضية من عمر ثورتها الدموية على إنتهاج سياسة عدائية تجاه دول المنطقة العربية وخاصة دول الخليج حيث لا يحتاج تأكيدها لمثل هذه الإدعاءات التي أقل ما يقال عنها أنها جوفاء ولا معنى لها فقد سبق أن أعلنت مرجعيات دينية رفيعة في الجمهورية الإيرانية أن البحرين هي إحدى محافظات هذه الجمهورية الحالمة مما يذكرنا بمزاعم النظام العراقي البائد إبان غزوه لدولة الكويت الشقيقة وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأنما قُدِر على دول الخليج أن تكون محطاً لأطماع الآخرين وطموحاتهم التوسعية ولا زالت إيران تحتل جزر إماراتية وترفض التحكيم الدولي إلى جانب تدخلها السافر في الشئون الداخلية للعراق ولبنان وهناك ما أثير مؤخراً عن دعمها لجماعة الحوثيين الإرهابية والكثير مما يمكن أن يقال في هذا الشأن وفي الحقيقة أنني لم أكن أرغب الكتابة بهذا الخصوص ولذلك أوجزت ولكن ما دفعني دفعاً لتناوله هو ورود مسمى الخليج الفارسي في قناة سعودية واسعة الإنتشار وهي قناة MBC MAX أثناء ترجمة أحد الأفلام الأجنبية وكان ذلك في تمام الساعة الثانية صباح يوم الأحد الموافق 26/4/1431ه ولست متأكداً من أن الترجمة كانت حرفية للغة المستخدمة في الفلم أم أن إنتماء المترجم العرقي أو المذهبي هو السبب المباشر في ذلك والأسوأ من هذين الإحتمالين أن لا يكون الأمر تلقائياً وهذا يعني أن المسألة تم التخطيط لها وهنا نكون أمام تساؤلات غاية في الأهمية وأياً يكن الوضع فما حدث غير مقبول ويجب التأكد من ملابساته في تحقيق داخلي يتحتم على إدارة القناة القيام به والتنسيق مع الجهات القادرة على إستجلاء التفاصيل إذا أقتضت الضرورة ذلك وعليها أيضاً مراعاة مثل هذه الأمور مستقبلاً والتدقيق في ما تعرضه من مواد على المشاهد العربي فالغزو الثقافي هو البداية والنواة الأولى لتحقيق أهداف الدول التي تطمح للهيمنة على الشعوب الأخرى سواءً كانت هذه الهيمنة فكرية أو سياسية أو عسكرية وإستخدام الإعلام المرئي بأي شكل من الأشكال سوف يؤدي إلى تسهيل هذه المهمة وتحديداً عندما يتمثل في قناة تحظى بمتابعة دائمة من قبل جمهور عريض وقد يقول قائل أن المسألة لا تتطلب كل هذا العناء والتهويل فأقول قد يكون مفهوماً أن تتضمن الأفلام أو البرامج التلفزيونية أخطاء في مسميات المدن أو في معالم بعض الدول لكن أن يكون هذا في مصطلح يرمز إلى مجموعة من الدول كلها عربية ولها وزنها على خارطة العالم السياسية والإقتصادية ومتعارف عليه دولياً بالخليج العربي ثم ينسب إلى دولة هي الوحيدة تقريباً التي تطلق عليه الخليج الفارسي أعتقد أن هذا أمر يدعو إلى إعطاء المسألة حجمها الذي تستحقه وبما أن النتائج المترتبة على عرض مثل هذه المواد يتعارض مع الواقع ويمس الأمن الوطني والقومي للدول المعنية مهما كانت درجة هذا المساس فإنه لا بد من إبداء الرأي حيال ذلك بما يجب وأخذ الحذر والحيطة فالمؤمن كيسٌ فطن ولا يلدغ من جحرٍ مرتين ومما تجدر الإشارة إليه في جانب آخر أن الفلم تضمن مشاهد تعكس صورة بالغة السلبية عن سكان الجزيرة العربية وفي المقابل شهامة وشجاعة وبراعة الرجل الأمريكي فأي إعلام هادف ننشد وأي رسالة نريد إيصالها لأجيالنا الصاعدة ولماذا نغضب ونستاء من تشويه صورتنا في الإعلام الغربي ونحن ندعم ذلك ونساعد على تكريسه في إعلامنا ليكون أعمق تأثيراً وأكثر فاعلية.
نشر هذا المقال في صحيفة الجزيرة بالعدد رقم (13720) وذلك ليوم الخميس الموافق 8 جمادى الأولى 1431ه الموافق 22 أبريل 2010.

كفى كفى كفى

مصدر أمني لـ «عكاظ» على خلفية حادثة القتل: الهيئة تصرفت بما يخالف الأنظمة ولم تبلغنا
أمير تبوك: صرخة الفتاة ودماء المواطنين لن تضيع هدراً
أحمد العطوي ـ تبوك، فاطمة آل عمرو ـ جدة


تفاعلت الأحداث التي أثارتها تصرفات هيئة تبوك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أسبوع واحد، والمتمثلة في مقتل مواطن برصاص خصمه في كمين نصبته الهيئة باصطحابها الخصم (القاتل) إلى مشتبه بالتعدي على طفل.
وقبل ذلك بثلاثة أيام استدرجت الهيئة فتاة بزعم ركوبها مع شاب (لا يزال مجهولا) بنية السفر إلى جدة تهريبا، وما صاحب ذلك من دعاوى باحتجاز الفتاة وتعنيفها.
وأمس تعهد صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة تبوك «بألا يذهب صراخ الفتاة هباء»، مشددا على أن «الاستباق تعجل في غير محله».وأوضح أمير تبوك متحدثا للصحافيين أمس أنه تابع تطورات حادثة احتجاز الهيئة لفتاة بزعم رغبتها أن تهرب إلى جدة «أولا بأول»، مشيرا إلى أن هيئة التحقيق والادعاء العام تحقق في القضية «ومن استدعى الأمر توقيفه فسيوقف ومن استدعى الأمر كف يده عن العمل فستكف يده».وشدد الأمير فهد على أن «الحقائق ستعلن بالكامل»، مطمئنا المواطنين على أن «حقوقهم محفوظة ولن يضيع حق مواطن، والدولة حريصة على أن يأخذ كل ذي حق حقه».ويأتي حديث أمير تبوك تفاعلا مع قضية احتجاز الهيئة للفتاة وما تلا ذلك من دعاوى بالاعتداء ضربا ومحاولة خنق وتقييد أرجلها، بدلا من تحويلها إلى الشرطة مباشرة، وفي ذلك بحسب الأنظمة مخالفة صريحة.
وكان مصلون في مسجد مجاور لمقر الهيئة قد أغاثوا الفتاة حينما بلغهم صراخها، لدى أدائهم صلاة المغرب، فأبلغوا الشرطة التي حضرت وخلصتها.
كما شهدت تبوك البارحة الأولى حادثة جديدة انتهت بالقتل، وتعرض عضو في هيئة الأمر بالمعروف إلى إصابة بطلق ناري من مواطن كان برفقة فريق من الهيئة في كمين نصبته لشاب متهم بالاعتداء على ابن مطلق النار الذي قتل الشاب مباشرة.وهنا بين الأمير فهد بن سلطان أن «القاتل موقوف لدى الأجهزة الأمنية» وستأخذ العدالة مجراها معه والتحقيق مستمر من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام، وسيستجوب كل من شارك في ملابسات الحادثة.وشدد أمير تبوك على أن «أن قطرة دام واحدة لمواطن لن تذهب دون إنصاف، وسنعرف الأسباب كاملة، وإن استدعى كف يد أو إيقاف أي موظف مرتبط بالحادثه فسنكف ونوقف».وطالب الأمير فهد بن سلطان الأجهزة كافة بتوخي الحذر والحقيقة، مذكرا بأن كل «متهم بريء حتى تثبت إدانته، ولايجوز بأي حال من الأحوال اتهام أي جهة أو فرد سواء دون توثق»، منبها إلى أن «لكل جهة صلاحيات وحدود».
وأوضح أمير تبوك أنه يتابع التطورات والرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤكدا على جميع الأجهزة الحكومية «عدم الاستخفاف بما يكتب وما يلقى أو ما يحاول المواطن الاطلاع عليه، وليس لدينا سر وكل حقيقة لابد أن تظهر».ووجه الأمير فهد بن سلطان إلى ضرورة التفاعل والتصريح في القضايا التي تتناولها الصحافة «لأن ذلك سيعطيها فرصة إظهار الحقيقة، فبدلا من أن تستخف بما يكتب أو تستنكر لما يكتب، عليك أن تبين الحقيقة أيا كانت هذه الجهة».وثمن أمير تبوك جهود الأجهزة الأمنية، وفي نفس الوقت ألمح إلى أن الثقة في هيئة الأمر بالمعروف كبيرة لأنهم قادرون أن يتعاملوا مع أي أخطاء أو تجاوزات وعدم تكرارها مستقبلا».
ووصل تبوك أمس نائب رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ إبراهيم الهويمل، للوقوف على تطورات الحوادث الأخيرة المرتبطة بالهيئة.
وتبرز توجيهات أمير تبوك في الوقت الذي لم تستجب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مطلب هيئة التحقيق والادعاء بإحضار الشاب المتعاون الذي زعمت أن الفتاة طلبت منه أن ينقلها إلى جدة تهريبا.
وأمس ذهبت الفتاة في ثاني حديث مع «عكاظ» إلى أن أعضاء الهيئة اقتادوها من الشارع عندما كانت تسير على قدميها، رافضة رواية الهيئة بالقبض عليها مع شاب، مطالبة بالتحقيق الفوري مع أعضاء الهيئة الأربعة «الذين اتبعوا معي أسلوب التعسف والقهر والضرب دون أي رحمة».
وقالت الفتاة: «حتى وأن كنت مذنبة فعلا فالأسلوب الذي اتبعوه معي لم يكن أخلاقيا، إذ من المفروض أن يبدأوا بالتحقيق معي قبل كل شيء، لقد أدخلوني إلى السيارة بالقوة وأنا امرأة ضعيفة لا حول لي ولا قوة، وأوجه سؤالا إلى الهيئة أين الشاب الذي وجدتموني معه؟».
وكررت الفتاة مطالبها بمحاسبة أعضاء إزاء تعرضها إلى تعنيف جسدي ومحاولة ربط أقدامها، وهو ما تطابق مع التقرير الطبي لمستشفى الملك خالد الذي صدر ليلة الحادثة (الجمعة الماضية) وأشار إلى آثار تعنيف في قدمي الفتاة.
وبالعودة إلى الحادثة الجديدة، فإن التفاصيل الأولية تؤكد أن أعضاء في فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تبوك نصبوا كمينا لشاب متهم بالاعتداء على طفل يبلغ من العمر 10 أعوام، وكان برفقة أعضاء الهيئة والد الطفل.وعلى صعيد حادثة القتل التي تؤكد مصادر مطلعة تورط الهيئة فيها، بين لـ «عكاظ» مصدر مطلع على ملف القضية أن القتيل في مسرح جريمة البارحة استدرج إلى الكمين مستقلا مركبة نقل صغيرة (دباب)، بينما كان عضوا الهيئة يستقلان مركبة من نفس النوع، إضافة إلى آمرين آخرين بلغوا المكان بواسطة دورية سرية للهيئة، وهي سيارة من نوع تويوتا كورلا مظلل زجاج نوافذها، واستوقفت الدورية الشاب، وسريعا نهض الأب وأطلق النار على الشاب الذي قتل في الحال، بينما أصابت رصاصة عضو الهيئة الذي ظهر محاولا ثني الأب عن الاستمرار.ونقل عضو الهيئة إلى المستشفى متأثرا بإصابته في الصدر، وأكدت مصادر «عكاظ» أن ملكية المركبة التي استقلها العضوان تعود إلى عضو في الهيئة,وأوضح لـ «عكاظ» الناطق الإعلامي في شرطة تبوك العميد صالح الحربي أن الحادث نتج عن خلاف بين شخصين ما أدى إلى قتل أحدهم الآخر وإصابة عضو في الهيئة، لافتا إلى أن القضية أحيلت إلى الجهات المختصة لإكمال التحقيقات.
التعليق:-
______
كفى تشويهاً للإسلام كفى إستغلالاً لسلطة الوظيفة كفى إنتهازاً لثقة الدولة وحسن ظن الناس كفى ظلماً وتجريحاً لمشاعر الناس وإنتهاكاً لكراماتهم كفى تجاوزاً للأنظمة والتعليمات ولكي ندخل مباشرةً في جوهر القضية أود القول أن هذه الحوادث المتكررة التي تتابعت خلال فترة محدودة وأبطالها أعضاء هيئة تبوك هي بمثابة جرس إنذار لما قد يكون حاصل على مستوى أشمل كما أنها قد تكون رسالة إلهية أو تذكير بما وقع سابقاً في حادثة وفاة سائق الأجرة الرجل الكبير الذي أحتجزه هؤلاء أو زملاءهم بتهمة الخلوة غير الشرعية مع إمرأة مسنة ثبت فيما بعد على لسان أبناءها أن الرجل معروف لديهم وأعتاد إيصالها في مشاوير خاصة وأنه محل ثقتهم وقد حفظت القضية حينها عندما تبين من واقع التقرير الطبي أن الوفاة طبيعية نتيجةً لهبوط في القلب ولم يهتم المعنيون بالتحقيق بأن الظلم والقهر والإذلال والإهانة وتحديداً عندما تمارس في حق رجل كبير قد تؤدي إلى ذلك وبصرف النظر عن أسباب الوفاة فقد كان من الأجدى وعلى أقل تقدير محاسبة الذين قاموا بعملية القبض والإحتجاز على إرتكابهم مخالفات إدارية وتجاوزهم حدود عملهم وعدم التقيد بصريح الأنظمة وفي إعتقادي أن ما مضى وما تضمنه الخبر أعلاه لا يعتبر تجاوزات أو أخطاء ولكن جرائم والجزء الأهم فيها ثابت لا يحتاج إلى أدلة وبراهين فالنظام يمنع إصطحاب المقبوض عليهم إلى مراكز الهيئة فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالنساء والحجج التي يسوقها منسوبوا الهيئة لتبرير هذه التصرفات غير المسئولة لم تعد تنطلي إلا على السذج وبسطاء الناس ويزداد الوضع سوءً وخطورة عندما تكون أسباب القبض والإتهامات الموجهة للمقبوض عليهم غير صحيحة وملفقة لأن ذلك يعني أن هناك عمليات إختطاف تحدث تحت شعار حراسة الفضيلة وحماية الأعراض وتطبيق شرع الله وخاصة إذا علمنا أن مايظهر للعلن وهذا أمر بديهي أقل بكثير مما يتم نشره او التوصل إليه وأعتقد أن آلية العمل الميداني لرجال الهيئة ومتابعة آداءهم تحتاج إلى إعادة نظر وهيكلة جذرية كما أن التحقيق في المخالفات والإنتهاكات التي تحدث يجب أن يتم بصورة أكثر حزماً ومهنية وأن تكون العقوبات بمستوى هذه الإنتهاكات وليس في إطار "إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر" أو على قاعدة "عضو الهيئة لا يحاسب" والتي عززها حكم قضائي كان ثمرة قضية رفعتها إمرأة مسنة وطال أمدها بين أروقة المحكمة العامة بالرياض بعد أن تشعبت فصولها بين جهات التحقيق وثبوت تهم الترهيب والإختطاف لها ولإبنتها على أيدي "أسود الهيئة" فتنتهي إلى لا شيء بل ويتم تبرئة المذنبين ومنحهم وزملاء المهنة حصانة تجعلهم أكثر جرأة على تكرار ما حدث وكلنا يتذكر مقتل الشاب الحريصي وما آلت إليه القضية (شر البلية ما يضحك) ولكن عزؤانا الوحيد وأملنا المعقود بعد المولى عز وجل في وجود ولاة أمر حريصون على تحقيق العدل وتطبيق القانون على الجميع دون إستثناء وإن أفلت مجرم من العقاب لبعض الوقت لأي سبب كان فإنه حتماً سينال جزاءه الرادع وعقابه المستحق في قادم الأيام.

تستحق جامعة الملك سعود والفريق العلمي التكريم ولكن.......

طالعتنا صحيفة الرياض في عددها رقم (15230) ليوم السبت 20/ربيع الأول بخبر مفاده تكريم أهالي مدينة مهد الذهب لجامعة الملك سعود نضير رعايتها ودعمها لإعداد بحث علمي تناول مشكلة التلوث البيئي الذي تعاني منه المدينة بسبب منجم المعادن الجاثم على صدور سكانها وقد تسلم درع التكريم ممثل الجامعة ورئيس الفريق العلمي الباحث والأستاذ المشارك في الجامعة /د.عبدالله سلمان الفراج والحقيقة أن مضمون الخبر وإن كان من جهة يدعو إلى الفخر ويبعث الأمل في النفوس لندرة سماعنا أو قراءتنا لمثل هذه الأخبار التي تؤكد لنا بالدليل القاطع أن جامعاتنا قادرة من خلال مراكزها البحثية والباحثين فيها على الخروج من واقع التعليم التقليدي التنظيري إلى مجال التطبيق العملي الذي يعود بفوائد ملموسة في حياة الناس المُعاشة فهو من جهة أخرى يثير الأسى والسخط بسبب المعلومات المخيفة التي وردت في سياقه ومما يحسب للجامعة أنها لم تتعجل في الإعلان عن نتائج هذه الدراسة إلا بعد الجزم بصحتها عن طريق إعادة البحث والتحليل العلمي أكثر من مرة فقد كان البحث الأول من إعداد الدكتور/عبدالله والدكتور/محمد الوابل ثم أعقب ذلك دراسة ماجستير أعدها طالب بناءً على توجيه الدكتور الفراج بصفته المشرف على الرسالة وتلا ذلك فيما بعد فريق علمي مكون من عدد من الباحثين وكل هذه الدراسات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك المصداقية العلمية لهذه النتائج ومن ثم فإن هذا الأسلوب الذي أنتهجته الجامعة جدير بالإحترام ويدل بوضوح على الشعور العالي بالمسئولية لدى إدارتها وباحثيها وخاصة إذا علمنا أنها بالرغم من عدم تعجلها في الإعلان عن هذه النتائج سارعت منذ البداية إلى إبلاغ الجهات المسئولة بشأنها ولذلك فجهودها مقدرة ومشكورة وتستحق الإشادة والثناء والإعتزاز وعرابا هذه الدراسة الدكتور/عبدالله والدكتور الوابل وكافة أعضاء الفريق البحثي الذي يقف خلف هذا الإنجاز والجهد العلمي المخلص يستحق ذلك عن جدارة ولكن وحتى نتجاوز قضية التكريم لما هو أكثر أهمية فعلينا أن نمعن النظر في نتائج الدراسة وتحديداً ما ذكره الباحث الفراج في عدد لا حق من صحيفة الرياض حيث صرح بأن التلوث يشمل الإنسان والحيوان والنبات وقد يصل ضرره مباشرة إلى الجنين في بطن أمه وأشار للمواد السامة الثقيلة المتراكمة داخل المنجم والتي أختلطت مع كميات من الأتربة تُرِكت دون تغطية مما يجعلها عرضةً للتطاير بفعل الرياح ومن ثم يستنشقها السكان فيصابوا بأمراض قد لا تظهر أعراضها إلا بعد مضي بضع سنوات وأضاف الباحث معلومة هامة تتعلق بأن الدراسة أُجريت فقط على تلوث التربة مشدداً على ضرورة إجراء التحاليل اللازمة للنظائر المشعة والغازات المتطايرة في المدينة للإحاطة بكافة جوانب التلوث وبناءً على هذه النتائج التي أصابت المجتمع السعودي بصدمة كما ورد في بداية الخبر الذي نشرته الرياض وتضمن هذه المعلومات الخطيرة فنحن نأمل بل نطالب وكلُنا ثقة الجهات المختصة وذات العلاقة وعلى ضوء هذه النتائج بإتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح الوضع الحالي بدون تأخير لأن عامل الوقت مهم في مثل هذه الحالات من أجل منع إستمرار هذه الأخطار الصحية والحد من تفاقمها ومعالجة الآثار السابقة والعمل سريعاً على خلق بيئة صحية نظيفة من خلال تنفيذ توصيات الدراسة وجعلها واقعاً ملموساً أي أن ترى هذه التوصيات النور ولا تبقى حبيسة الأدراج لدى هذه الجهات وأول ما يمكن البدء به هو القيام بالتخلص من النفايات السامة المشار لها أعلاه وإن لزم الأمر إغلاق المنجم مؤقتاً حتى يتم نقله إلى مكان آخر أكثر ملائمةً لإشتراطات ومعايير البيئة الصحية وهذا إجراء حتمي أياً كانت الكلفة المادية والخسائر الإقتصادية الناتجة عن ذلك فحياة الناس وسلامتهم لا تقدر بثمن كما أن الخسائر التي سوف تترتب على إنتشار الأمراض قد تفوق خسائر إغلاق المنجم بصفة مؤقتة فمثل هذه الأمراض قد تستمر لأجيال قادمة لا سمح الله ومما تجدر الإشارة إليه ونود التأكيد عليه أنه لا بد من تقييم الأضرار التي لحقت بسكان المدينة وأن تعمد اللجان المشكلة إلى التنسيق مع وزارة الصحة للقيام بمسح شامل لمعرفة نوعية الأمراض المنتشرة بين السكان تبعاً للمسافة التي تفصلهم عن موقع المنجم والوقوف على مسبباتها ومدى إرتباطها بطبيعة أعماله ويصار فيما بعد إلى أن تتحمل الشركة المُشغِلة للمنجم تكاليف العلاج لمن يثبت إصابته بمرض نتيجةً لوجود هذا المنجم وصرف التعويضات المستحقة وعلى هذه اللجان أيضاً تحديد المسئولين عن التلوث سواءً العاملين في شركة التنجيم أو الذين منحوهم الترخيص بإقامة المنجم في الموقع غير المناسب وبالقرب من الأحياء السكانية ومساءلتهم وصولاً لمحاسبتهم وفقاً لمعطيات التحقيق بالإضافة إلى أخذ الدروس المستفادة من هذه الحالة لتلافي تكرارها في مدن أخرى من مملكتنا الحبيبة وذلك بإقرار الآليات والضوابط التي تضمن عدم إنشاء أي مصنع أو منجم يمكن أن يحدث تلوثاً بيئياً إلا بعد إستشارة المتخصصين في علم البيئة والأجهزة المعنية وتوثيق الآراء الفنية والعلمية حيال الموقع الأكثر آماناً لإقامة هذا المصنع وماهية إحتياطات وتدابير السلامة الواجب إتباعها حماية للمدينة وسكانها وفي إطار كل ما سبق فمن الواجب أن نتقدم ببالغ الإمتنان لأمارة منطقة المدينة المنورة ونحيي الدور الإيجابي والفاعل الذي أضطلعت به لتسهيل مهمة الفريق العلمي وتذليل مختلف العوائق التي كان من الصعب التغلب عليها بدون هذا الدور ومن هنا نتمنى على الأمارة بيان الكيفية التي تعاملت بها مع نتائج الدراسة وإن كان ثمة إجراءات لم تُعلِن عنها فلتبادر لكشفها للرأي العام فمن حق سكان المدينة والجامعة بل والمجتمع السعودي عموماً الإطلاع على تفاصيل ما تم بهذا الخصوص حتى يطمأنوا ويهدأ روعهم ويشعروا بجدوى مثل هذه الدراسات العلمية .
هذا المقال نشر في صحيفة الرياض بعددها رقم (15246) ليوم الأثنين الموافق 6ربيع الثاني 1431ه الموافق 22مارس 2010ولكنه لم ينشر كاملاً لأسباب يراها الرقيب.

رسالة إلى من حالت بيني وبينه شياطين الجن وكلاب الإنس

أنت يا من حالت بيني وبينه شياطينُ الجن وكلاب الإنس الضالة .... أنت يا من لا أستطيع البوح علناً بحكايتي معه وحكايتهُ معي وإن كانت في الظاهرِ معلومةً بعض الشيء لدى من يعرفني ويعرفهُ وهي أيضاً تأتي في خانة صدق أو لا تصدق فهي أشبه بقصص الخيال وروايات كان يا ما كان .... أنت يا من لا تعرف عدوك من صديقك .... أنت يا من تجهل معادن الرجال ومخابرهم .... أنت يا من لا تثق إلا بالمرتزقة وأرباب الهمز واللمز من أشباه النساء وما أكثرهم حولك .... أنت يا من كان في وصله عذابي وسخطي وكمدي واليوم وهو مفارقٌ لي أشعرُ ببعض سعادةٍ لا أُريدُها ولا أفهم لها خطبا .... أنت يا من خاب فيه أملي وأنقطع منه رجائي .... أنت يا من كنت أظنه عوناً لي على الزمان كما يجب أن يقتضيه واقع الحال فكان خير معينٍ للزمان علي .... أنت يا من سوف أكون بعد رسالتي هذه له موضع شماتة حاسد وسخرية جاهل وملامة عاذل وعتب صديق ولكن ماذا عساي أن أفعل ومشاعري نحوه عصيةً على أن تُحجب وعقلي به مفتون أخشى عليه لوثةٌ أو جنون .... أنت يا من كان أكثر الناس لي محبةً وقُربَاً وكنتُ له كذلك فتبدل الحالُ إلى غير الحال أُخَاطِبُكَ بلسان المُحب المجروح وقلب العاشقِ المكلوم فأقولُ بصوتٍ مبحوح كم أشتاقُ لرؤيتك كم تهفو نفسي للقاءك كم أتوقُ للجلوس معك والحديث إليك فأين أنت إنني أبحثُ عنك في كل زمان ومكان بالرغم من خبرتي بالمكان ودرايتي بالزمان ؟ .... فلماذا أصبحت يا أعز الناس بعيد المنال مع قُرب المسافات؟ وعلاما صرتَ غائباً وأنت دائمُ الحضور؟ ولِمَ قطعتني وأنا أسعى جاهداً في وصالك؟ .... أستحلِفُكَ بخالق السماء ومُنزل الماء عالم السر والجهر الغفور الرحيم ورب العرش العظيم أجبني على ما سلف ذكره وقُل لي ما الذي حملك بكل سرور على ما هو أحقرُ منه وأخطر من الكذب وقول الزور في سخائفِ الأمور وأنت لست عليه مجبور فقد تملكتني الحيرةُ وكَثُرت لدي علاماتُ الإستفهام وزادت ريبتي وظنوني وكرهتُ أقرب الناس من حولي فإن كنت قد أبتعدت مُرغَماً وبغير إرادتك فلا تثريب عليك وقدر الله وما شاء فعل وإن كان بِعادُك بفعل الوشاة وأصحاب الدسائس والفتن من أراذل الناس وحُقَراءهم من الأقربين والأبعدين الذين يصطادون في الماء العكر وأعتادوا النميمة والحسد فلا هم لهم في الحياة ولا يفقهون فيها غير ذلك فثق تماماً أني لك نعمُ الخليل وأنني بريءٌ مما يصفون لعنهم الله آنى يذهبون هو حسبي ونعم الوكيل وكن متيقناً بأن هؤلاء الخبثاء فارغي الأدمغة الصغار الجبناء من لابسي الأقنعة وذوي الإبتسامات الصفراء لا يمثلون بالنسبة لي أي شيء وكل أكاذيبهم وأحقادهم لا قيمة لها البتة فهي دليل ضعفهم وقوتي وبرهان علو مقامي ووضاعة مكانتهم وقديماً قالوا لا يرمى بالحجر إلا الشجر المثمر لكن ما يهمني أنت لا أحد سواك فكن مطمئناً أنك بمنزلة المُقلةِ من العين والمُهجةِ من الفؤاد واعلم أنه لو حانت ساعة اللقاء وحلت لحظة الود والصفاء فلن أسألك عن ما كان من ظلمك وقسوتك وإذا لم تحن فحتى تحين أنا لك دائم الحنين وإن أشتد جورك وطال هجرك وأعلم أيضاً أن مشاعري هذه ليست إستعطافاً أو إسترحاماً فأنا أكبر من ذلك وأعز وإنما إنطلاقاً من روابط الدم التي تجمعنا ومراعاةً لوشائج القربى التي لم يكن لأحدنا فيها خيار وحتى يمكن تدارك ما يمكن تداركه وتفويت الفرصة على الشامتين من أصحاب الضمائر المريضة والأنفس الخبيثة وأهل القيل والقال كما أنني أُشفق عليك من إستمرار الغُمة وأن تكون فُرجة لهؤلاء السفلة الحثالة الذين لغباءهم يعتقدون أننا بأمرهم جاهلون وبدناءتهم مشغولون يا لا حماقتهم وبلاهتهم كم هم حالمون فليسمعوا ما نحن لهم قائلون .... إذا كثُر النُباحُ وتباهت به الكلابُ فلا تعجب فهذا هو حالُ الكلابِ***وأمضي قُدماً ولا تأبه لنُباحها فإن الأُسودَ (الفهودَ) لا يُثيرها نُباح الكلابِ - أخشى على هذه الكلاب أن تصاب بشلل دماغي أو مرض السُعار لكثرة النُباح خلسةً وهي مرعوبة وخاصة أنها لم تحقق من نُباحها إلا أنها فقدت أهميته لديها على تفاهته وأنا هنا لا أعني من تدعي أنك تدافع عنهم وتخشى عليهم من بطشي فهؤلاء ضحايا حتى من تمكن الخبث من نفسه والحمق من عقله ووافق هواه هواك فلا عجب وهم أولاً وأخيراً محسوبون عليك ولكن أتحدث عن خفافيش الظلام الذين أمتلأت صدورهم حسداً وحقداً وظنوا أنك مُحِققٌ لهم مُبتغاهم - والأهم من شماتة وسخرية هؤلاء أن تكون مثاراً لنقد العقلاء ومدعاةً لإستهجانهم فتأكد أنك لن تجني من وراء ذلك كله إلا الخزي والعار وإن تمكنت من تحقيق بعض من أهدافك الشريرة في نهاية المطاف لا قدر الله نتيجةً لاستغلالك الصفة التي تحملها واستخدام الأساليب التي أترفع عن انتهاجها من تحريفٍ للحقائق وتوسل وإستجداء وبكاء وإستبكاء وخروج متعمد عن جوهر القضية لصرف النظر عما تخافه وتخشاه بهدف التأثير على من يمثلون سلطة القانون والدولة فيصدقون أقوالك ويعتبرونها مسلمات غير قابلة للرد والتمحيص فإنك لن تنال من ثقتي بنفسي وإرادتي قيد أُنمُلة بل على العكس فإن ما حدث ويحدث زادني قوةً على قوتي فعلمت أكثر من ذي قبل ولله الحمد والمنة حجم ما منحني الإله من قدرات ليست لدى الآخرين الذين أغاظهم ذلك وأتضح لي جلياً مدى وهنهم وخستهم وعدم قدرتهم على المواجهة فأصبحوا يتخبطون بين هذه وتلك حتى وجدوا ضالتهم في شخصك فأصبحت مطيةً لهم في غير الحق فتجرأوا على النُباح من بعيد وإذا جد الجد ولوا كا لأرانب مذعورين وهم في الحقيقة لو تهيأ لهم أن يحظوا بلحظة رضا مني لأقبلوا يخطبون ودي صاغرين كحالهم عندما يولون الأدبار ليس حُباً ولكن تزلفاً وطمعاً في حضوةٍ حُرِموا منها فجُن جنونهم وأصبحوا يسيرون على غير هُدى .
ورجاءي في خاتمةِ قولي وليس آخره فهذه خاطرة وهناك خواطر أخرى باقية في نفس فانية أن تصفو وتحنو قبل رحيلي أو رحيلك فربما يكون الأجلُ أسرع والمنيةُ أقرب من جلاء الحقيقة وصفاء النفوس .

رجال الهيئة وحرائق مدارس البنات...لماذا ؟

(صحيفة الوطن) الأربعاء 1 ربيع الآخر 1431 ـ 17 مارس 2010 العدد 3456 ـ السنة العاشرة
هل الحرائق بالعدوى - الكاتب/صالح محمد الشيحي
.

ثمة موضوعان اليوم:
•الأول: كثرة الأخطاء التي يتم تسجيلها على فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة.
من المقبول أن تخطئ أول مرة.. ولا مشكلة كبرى "عندما يتكرر الخطأ لمرة ثانية.. وهناك من يرفض تكرار الخطأ مرة ثالثة.. لكن غير المقبول بتاتا أن تصبح هذه الأخطاء منهجاً يسير عليه الإنسان!
منذ سنوات ألاحظ أن الأخطاء التي تحدث ضجة كبرى في البلد وتثير الرأي العام ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غالبا ما يكون مصدرها هيئة المدينة المنورة!
السؤال: ألهذه الدرجة بتنا عاجزين عن معالجة الأخطاء؟.. في كل مكان في المملكة أخطاء ومخالفات.. الفرق يكمن في طريقة معالجة الخطأ.. لنفترض جدلا أن الشاب الذي تم القبض عليه كان بالفعل يرتدي بنطالا يخدش الحياء العام ويظهر مؤخرته بشكل مقزز، أليس من المفترض أن تتم معالجة هذا التصرف بهدوء ودون إثارة؟!
نحن بحاجة للإجابة على السؤال: لماذا هيئة المدينة تحديدا؟!
• الموضوع الثاني اليوم هو قضية حرائق المدارس!!
ألاحظ منذ حريق مدرسة مكة ـ الحريق الشهير قبل سنوات ـ وحتى اليوم، بمجرد أن تحترق مدرسة حتى تحترق مدرسة أخرى في مكان آخر.. ومدرسة ثالثة في منطقة أخرى!
أول من أمس تم إخلاء مدرسة ابتدائية للبنات بالمدينة المنورة نتيجة ماس كهربائي.. وفي نفس الوقت احترقت مدرسة أخرى للبنين في تبوك.. ويوم أمس حدث حريق كبير في إحدى مدارس البنات في مكة المكرمة!!
الآن ـ وبعيداً عن هذه المصادفات الغريبة ـ وطالما أن غالبية الحرائق تحدث بسبب تماسات كهربائية ـ وهذه جوانب مهملة تتربع في دائرة النسيان ـ فإن السؤال: لماذا لا تجري مدارس البنات تجارب وهمية لنشوب حريق وكيفية الإخلاء السريع، وكفاءة حراس المدارس للتعامل مع الحرائق، كي لا نصحو ذات يوم على حريق يلتهم عشرات الطالبات؟!
التعليق :-
أخطاء الهيئة قد تكون في معظم مناطق المملكة وقد تقل أو تزيد في بعض المدن ولكن بالتأكيد أخطاءها في المدينة المنورة ليست هي الأكثر ولكن التركيبة الاجتماعية في بعض المدن وأسلوب التفكير ونظراً لحساسية قضايا الهيئة فإن الكثير من الناس يحجمون عن الإفصاح عما تعرضوا له مع قناعتهم بعدم جدوى ذلك في الحصول على حقهم هذا مع الأخذ بالاعتبار أن حرية نشر مثل هذه الأخبار تختلف من صحيفة لأخرى....أما بالنسبة لمدارس البنات فإن العامل الرئيسي لحدوث هذه الحرائق يتمثل في الحالة المزرية لهذه المدارس المتهالكة وانعدام الصيانة الدورية حيث لا يتم إجراء أي زيارة فنية إلا إذا كان هناك عطل أو إلتماس فيتم إصلاحه كيفما أُتفق وبدون أي إشراف نظراً لأنثوية إدارة المدرسة التي تلجأ دائماً "للذكر" الحارس لفتح الباب والتواجد حتى انتهاء أعمال الصيانة....وفي نهاية التعليق نود توجيه سؤال قد يبدو ظاهرياً أنه خبيث وأيضاً لئيم....هل أراد الكاتب بتناوله لأخطاء الهيئة وحرائق مدارس البنات في مقال واحد تذكيرنا بالحادثة الشهيرة لحريق مدرسة البنات الإبتدائية التي وقعت في مدينة مكة المكرمة قبل بضع سنوات وثارت وقتها إتهامات لعدد من منسوبي جهاز الهيئة بأنهم كانوا المتسببين في مقتل (14) تلميذة قضين بفعل الدخان الناتج عن الحريق عندما لم يتمكن من الخروج السريع من المدرسة حيث كانت الإتهامات التي لم يؤكدها التحقيق فيما بعد تتركز في إعاقة رجال الهيئة لجهود الإنقاذ وتحديداً التي قام بها المواطنون وأولياء الأمور بحجة منع خروج التلميذات بدون الزي السعودي المعتاد أو أنه كان يشير إلى أن هذا الحريق كان السبب الذي أطاح بالرئيس العام لتعليم البنات آنذاك قبل عملية دمج الرئاسة بوزارة التربية وهو بذلك يريد لفت نظر معالي الوزير الحالي لأهمية وخطورة هذا الموضوع حتى لا يلحق بسلفه.

نُخبة النخبة نبيها سعودية وما هكذا تورد الإبل يا قناة الساحة !

تطرق البعض سابقاً لمهرجان " أم رقيبة " أو ما يعرف بمزاين الإبل وأعربوا عن رفضهم لهذا المهرجان مُعللين ذلك بالأسعار الباهضة للإبل المشاركة وأن الأولى والأجدى بأصحابها إنفاق هذه الأموال في المشاريع الخيرية أو ما يعود بالفائدة على المجتمع ومع احترامي لهذا الرأي المألوف في مجتمعنا إلا أنني أرى أنه مثالي بالنظر لطبيعة المجتمع وتركيبته الثقافية كما أننا لا نستطيع أن نحجر على الناس حرية التصرف بأموالهم إذا ما كان ذلك في حدود المباح وقد يكون هؤلاء ممن يبذلون جزءاً من ثرواتهم في أوجه الخير فضلاً عن وجوب تأدية زكاة أموالهم وخاصة أنهم من ملاك الأنعام التي يسهل على مصلحة الزكاة حصر ما تعادله من أنصبة ومقدارها من المال بالإضافة إلى أن هذه الأسعار كانت موجودة من قبل أي أنها ليست مرتبطة بالمهرجان والبعض الآخر تحدث في المجالس العامة عن أن مثل هذه المسابقات تُحرِجنا أمام العالم المتحضر الذي يفتخر بما لديه من منجزات صناعية ومخترعات علمية حديثة والحق يقال أن مثل هذا القول بغض النظر عن أهداف قائليه ونواياهم غير منطقي فحتى هذه الدول المتقدمة تنظم مهرجانات لإحياء تراثها الشعبي بل أن بعضها تُجري مسابقات للكلاب وأخرى للعُري والجمال (الجَمال بالفتح وليس بالكسر يعني جَمال النساء وليس جَمال الجِمال والنوق) ثم أن عدم وجود مثل هذه المهرجانات لا يحقق التقدم المنشود ووجودها لا يتنافى مع ذلك ولهذه المهرجانات جمهورها العريض في المحيط المحلي والإقليمي لايمكن تجاهله وهناك من أشار إلى إثارة المهرجان للنعرات القبلية دون أن يقدم الشواهد والأدلة التي تؤكد ذلك وأنا هنا لا أود الخوض في تفاصيل الرأي الأول والثاني لكن سوف أتناول الموضوع في إطار الجزئية الأخيرة بشيء من التوضيح والتفصيل فهي الأكثر أهمية بالنسبة لي والسبب في هذا التناول يتمحور بشكل رئيسي حول التعامل الإعلامي من قبل بعض القنوات الفضائية مع هذا المهرجان السنوي فالمشكلة لا تكمن في طبيعة المهرجان فهو تظاهرة تراثية جميلة تعيدنا إلى عبق الماضي الأصيل وتاريخ الآباء والأجداد الذي نفتخر ونتشرف به ولكن في التغطية الإعلامية التي ربما أوشكت على إخراج هذه التظاهرة عن أهدافها الحقيقية والتي من أهمها بناء جسر من التواصل بين الماضي والحاظر للمحافظة على التراث وتشجيع مُلاك الإبل على إقتناء هذه الثروة الحيوانية وأيضاً تحقيق المتعة التي ينشدها أبناء القبائل وغيرهم من المهتمين بذلك فمن خلال متابعتي المحدودة لتغطية قناة الساحة لفعاليات المهرجان لهذا العام أسترعى إنتباهي وأساءني أسلوب عرضها لبعض الفقرات الإحتفالية ومن ذلك بث مادة صوتية تتضمن أبيات شعرية صاحبت مشهد لمسيرة مجموعة من الإبل المشاركة حيث ورد فيها العبارة التالية (نخبة النخبة نبيها .......) عذراً على عدم تكملة الجملة والتي أخُتتمت بإسم قبيلة وليس الوطن كما هو وارد في العنوان أعلاه وإن كان بصيغة مقاربة له في الوزن والقافية فقد كان الشاعر يناشد ( " ينخى " باللهجة البدوية الأصيلة) أحد الشخصيات المشاركة والذي ينتمي لذات القبيلة بالفوز بجائزة النخبة حتى تنسب لهذه القبيلة ووجه الإستياء ليس مصادرةً لمشاعر الناس واعتراضاً على إبتهاجهم بالفوز أو مساندة من يريدون له حصد ذلك الفوز المرتقب ولكن في مدلول هذه العبارات وما تحتويه من معاني العصبية القبلية البغيضة وبعثها من جديد في النفوس وكلنا يعلم ما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج سيئة على أكثر من صعيد وإن التمسنا العذر للشاعر والمشاركين ثقةً منا بحسن نيتهم ونقاء سريرتهم ومراعاةً لتأثير البيئة المحيطة بهم فنحن أبداً لا نرى مبرراً للقناة ببث مثل هذه المواد والشعارات فهي مرفوضة على الإطلاق تحت أي ظرف أو مسمى وفي كل الأحوال إلا إذا كانت إدارة القناة ترى غير ذلك نظراً لكونها قناة خاصة يجوز لها ما لا يجوز لغيرها وبالتأكيد هذا غير مقبول ولا يعفيها من المسئولية الوطنية والإلتزامات الأدبية فهي قناة سعودية أولاً وأخيراً وحتى وإن لم تكن كذلك فهي تعمل على أرض الوطن وتغطي مناسبة تنظم برعاية سعودية وإن كانت القناة أيضاً لاترى أهمية لهذه " العُقد الوطنية " فأعتقد أن القائمين على الإشراف ورعاية المهرجان يولون الأمر الأهمية التي يستحقها وهم بلا أدنى شك حريصون على ذلك وهنا لابد أن نشيد بقرار وزارة الثقافة والإعلام الذي قضى بإغلاق مكتب القناة في مدينة الرياض وإن أثار لدينا تساؤلات عدة فكيف يمكن للقناة أن تعمل في المملكة دون أن يكون لديها ترخيص بذلك وفق ما ورد في تصريح المتحدث الرسمي للوزارة الذي نشرته صحيفة الرياض بعددها رقم (15213) فهذا يعني أن المسألة عشوائية ولا تخضع لشروط وضوابط تنظم هذه العملية كما أن القول بأن إغلاق المكتب كان بناءً على ماورد للوزارة من شكاوى تفيد بإثارة القناة للنعرات القبلية يؤكد أنه لو لم يبادر الغيورون من أبناء هذا الوطن إلى إبلاغ الوزارة بذلك لما صدر هذا القرار وأنها فقط تتعامل مع هذه الأمور تبعاً لما يصل إليها من خارج الوزارة وهذه التساؤلات والملاحظات الجوهرية لا يمكن غض الطرف عنها فمثل ما سمحت القناة لنفسها بالعمل بدون ترخيص إعلامي سوف تستمر أيضاً بالتغطية الإعلامية لهذا المهرجان وغيره من المظاهر الاحتفالية داخل المملكة غير عابئةٍ بقرارات الوزارة وخير شاهدٍ على ذلك أن القناة لا زالت تعرض ما كان سبباً لإغلاق مكتبها وهو ما أشرنا له سلفاً وبناءً عليه فإنه يجب عدم الاكتفاء بإغلاق المكتب وإنما إتخاذ الإجراء اللازم لمنع القناة من الإستمرار في هذا النهج الإعلامي غير المسئول كما أنه لا يمت للإعلام الهادف بصلة إلا إذا كان الهدف فقط هو كنز الأموال وتحقيق مصالح شخصية ضيقة وضرب عرض الحائط بكل ما يتنافى مع هذا الهدف ويتمثل هذا الإجراء بتوجيه إنذار واضح وشديد اللهجة للقناة من أجل التوقف عن هذا العبث والتهييج وإلا فإنها سوف تكون عرضة للحرمان من تغطية فعاليات المهرجان في الأعوام القادمة بل وعدم منحها التصريح الخاص بممارسة النشاط الإعلامي في المملكة وتوجيه الجهات المعنية بالإشراف والتنظيم بالتعامل مع القناة وفقاً لذلك في حالة عدم إلتزامها بمضمون القرار ومن وجهة نظري أن ذلك كفيل برجوع المعنيين فيها إلى رشدهم فالقناة ليست صاحبة فضل في نقلها لوقائع المهرجان بل هذا يأتي في صميم تخصصها وضمن أولويات خططها البرامجية السنوية إضافة إلى ما تجنيه من مكاسب مادية بسبب هذه التغطية وبأساليب متعددة وهذا لا يعني تقييد الحرية الإعلامية للقناة وتكميم الأفواه ولكن نحن بعد لم نتجاوز مفهوم القبيلة ومازال تأثيرها مسيطراً على شريحة أو فئات معينة من المجتمع حتى وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة ومُختلِف عما كان سائداً في الماضي القريب ثم أن المصلحة الوطنية العليا والأمن القومي فوق إعتبارات القناة وأي إعتبارات أخرى ومن واجب الإعلام الوطني الحفاظ على هذه المصالح وخدمة الأهداف الوطنية وإن لم يكن ذلك وارداً في حساباته لعدم قدرته على تحقيق ذلك والعمل في إطاره أو أياً كانت الأسباب فليس أقلها أن لا يكون في الإتجاه المضاد أو الذي يعيق الوصول لهذه الأهداف وقد يقول البعض أن مثل هذه النظرة للأمور مبالغ فيها وأن الوضع لا يحتمل كل ذلك التحليل والتخوف وجوابي على هذا القول أن المسألة لا تنحصر في مقطع عابر كما أن التداعيات لا يمكن أن تأتي مباشرة وخلال فترة وجيزة ولكن اللعب على هذا الوتر وتكرار هذا الأسلوب في مثل هذه المناسبات الدورية حتماً سيؤدي إلى إنعكاسات سلبية في سياق ماتمت الإشارة إليه وانطلاقاً من ذلك فإنه لزاماً على المخلصين لوطنهم أن يسعوا جاهدين لتصحيح مسار هذا الإعلام ومنعه من النيل من تلاحم الوطن ووحدة أبناءه ولسان حالهم وحالنا يقول بصوتٍ سعودي واحد " نخبة النخبة نبيها سعودية وما هكذا تورد الإبل يا قناة الساحة " .
نشر هذا المقال في صحيفة الوطن بالعدد رقم (3470) في يوم الأربعاء 15/ربيع الثاني/1431ه الموافق 31/مارس/2010وكان بعنوان " بعض القنوات تخرج المهرجانات عن أهدافها .. الساحة أنموذجاً "