أخبار العربية

رسالة إلى معالي وزير الصحة

عندما تم تعيين الدكتور/عبدالله الربيعة وزيراً للصحة أستبشر الجميع خيراً وعقدوا الآمال ومازالوا كذلك فالصورة الذهنية عن الرجل إيجابية بحكم شهرته العلمية والعملية التي سبقت هذا التعيين فجعلت له رصيداً حسناً ومكانة مرموقة في نفوس الناس ولكن كنا نتسائل ومازلنا عما يمكن أن نسميه هجرة أبناء المملكة إلى الخارج للعلاج وخاصة دول الجوار ومبررات هذه الهجرة الشاقة ومايزيد هذا التساؤل تعقيداً ويثير لدينا التعجب أن هذه الدول ليست من الدول المتقدمة طبياً أو إقتصادياً كما أن سمعة المملكة في هذين المجالين بلغت الأفاق ولدينا مستشفيات يشار لها بالبنان فلماذا يشد المواطن الرحال إلى هذه الدول وحال المملكة كذلك ؟ وبالتأكيد الإجابة تتمثل في أن هذه المنشأت الطبية الرائدة تتركز فقط في المدن الكبرى وبالتالي فإن حجم الضغط عليها كبير فلا تتمكن من تقديم الخدمات الصحية لكافة سكان المملكة ومختلف محتاجي الخدمة على النحو المطلوب وتحديداً في نواحي طبية معينة فهناك أمراض تحتاج إلى متابعة ومواعيد متقاربة وهذا ليس متاحاً بالنسبة لهذه المنشأت ومن الأمثلة التي يمكن الإستشهاد بها في هذا الجانب أمراض التوحد وصعوبات التعلم والتخاطب وقد ذكر لي طبيب أردني أن معظم العيادات الخاصة الموجودة في المملكة الأردنية قائمة أساساً على المراجعين الدائمين من السعودية وأن مواطنة أضطرت لترك أبنها في أحد هذه العيادات لأنه في حاجة ماسة لإقامة دائمة وقد يقول البعض أنه يوجد لدينا مراكز خاصة متخصصة فلماذا لا يتم التوجه لها من قبل هؤلاء بدلاً من السفر للخارج ؟ والجواب واضح وهو أن هذه المراكز حالها في هذا الجانب تحديداً كحال المستشفيات الحكومية فهي محدودة العدد ولا توجد إلا في بعض المدن الرئيسية وطاقتها الإستيعابية متدنية جداً كما أن تكاليف العلاج باهضة وبناءً على ذلك فمن المناسب أن تعمد وزارة الصحة إلى إجراء إحصاء شامل لمثل هذه الأمراض ونسبتها في مدن المملكة ومن ثم إنشاء المراكز الطبية المتخصصة ويمكن للوزارة أيضاً التنسيق مع رجال الأعمال وإطلاعهم على حقيقة هذا الوضع ومدى الحاجة لإنشاء مثل هذه المراكز ومن الطبيعي أن يبادر هؤلاء إلى الإستثمار في هذا المجال ومن البديهي أن طالبي الخدمة في الخارج عوضاً عن ذلك سيتوجهون لهذه المراكز التي سوف تكون أسعارها أيضاً مناسبة لأن وجود الكثير منها سوف يجعلها تسعى لجعل أسعارها في متناول كافة شرائح المجتمع كما أن هذا الإحصاء وبالتعاون مع وزارة التربية سيجعل الأخيرة تعمل على إنشاء المدارس ذات العلاقة بصعوبات التعلم وما نود أيضاً الإشارة له في مجال الرعاية الصحية وقد سبق لنا طرحه في مقال سابق أنه لا بد أن تكون كافة القرى والهجر السعودية مشمولة بالخدمات الصحية الضرورية وخاصة تلك التي تزيد المسافة بينها وبين المدن مئة كيلو متر أو تزيد وأعتقد أنه لا يوجد أي مبرر لخلاف ذلك فبلادنا ولله الحمد والمنة تنعم منذ سنوات برخاء إقتصادي والملك حفظه الله أعلنها صريحة في أكثر من مناسبة بعدم وجود عذر لأي وزارة في عدم تقديم كل مامن شأنه توفير أفضل الخدمات للمواطن .
المقال أعلاه نشر في صحيفة الرياض بالعدد رقم(15217) وذلك في يوم السبت 7/3/1431ه الموافق 21/فبراير/ 2010 .