أخبار العربية

المواقع الإلكترونية ثانية لعلهم يفقهون !

تناولت في مقال سابق بعنوان "المواقع الإلكترونية وثقافة القص واللصق" نشر في صحيفة الرياض بنسختها الإلكترونية في يوم الأربعاء الموافق 19 ذي القعدة 1431هـ - 27 أكتوبر 2010م - العدد 15465 وفي النسخة الورقية والإلكترونية في يوم الجمعة التالي ظاهرة القص واللصق في بعض المواقع الإلكترونية وتحديداً العائلية منها والقبلية وغياب الأسس الصحيحة للحوار والاتهامات التي توجه لكل صاحب رأي مخالف والتصنيفات التي لا يعلم القائلون بها معناها وتطفل أصحاب هذه الثقافة للخوض في قضايا لا يفقهون منها وفيها مثقال ذرة ونحو ذلك، وبالرغم من أننا اكتفينا بتوجيه اللوم لبعض أعضاء هذه المواقع شاجبين طريقة تفكيرهم وأسلوب حوارهم وأعربنا عن كامل التقدير والاحترام لأصحابها مع مطالبتنا لهم بتصحيح الوضع القائم من خلال إدارتها بصورة أفضل إضافة إلى عدم ذكر أسماء هذه المواقع تصريحاً أو حتى تلميحاً كما أن ما تضمنه المقال من سلبيات يوجد في الكثير من المواقع التي تدور في ذات الفلك إلا أن البعض منهم أساءهم هذا النقد البناء والراقي واستمروا في غيهم يعمهون، بينما فريق آخر عبروا عن شكرهم واستفادوا من هذا النقد، وذلك بوضع قوانين واضحة وصارمة تكفل حرية الرأي للجميع ولا تسمح بأي تجاوز أو مشاركات مُسيئة والتي غالباً ما تصدر من قبل حاملي لواء ثقافة القص واللصق أصحاب العقول الفانية والرؤوس الخاوية، ومما تجدر الإشارة له أنه قد سبق هذا المقال مقال آخر تم نشره في هذه المدونة وعدد من مثل هذه المواقع أثنيت وأفضت فيه بالمديح لبعض هذه المواقع ولم يحظى بردود فعل من قبل هؤلاء الناقمين كما كان حال المقال الناقد فهل يعني هذا أن من فقدوا صوابهم بسببه لا ينطبق عليهم إلا الجانب السلبي المشار له في هذا المقال؟ أومثل ما يقال "اللي على رأسه بطحا يحسس عليها" فإن كان هذا حالهم فبئس الحال وبشرهم بسوء المآل.
أما مقال اليوم وإن كان يأتي في ذات السياق من حيث التطرق للمواقع الإلكترونية وما يحدث في بعضها وبالذات المواقع الخاصة وليست المتخصصة من ممارسات غير لائقة وغير مقبولة إلا أنه يتعرض لها من زاوية مختلفة آلا وهي هذا التنافس المحتدم بين بعض أبناء العوائل أو القبائل على إنشاء هذه المواقع ليس للتنويع أو الإثراء، وإنما من أجل الاستقطاب العائلي والشحن القبلي المقيت، فهناك من ينشأ موقع ليكيد لأبناء عمومته أو لينال من بعضهم بالهمز واللمز أو ليحرض هذا على هذا أو ليسعى لإثارة جوانب خلافية تافهة ويبعثها من مماتها حتى يحقق من وراء ذلك مآرب شخصية من بينها إبتزاز المطلوب النيل منه من أجل الحصول على اعترافه بأصحاب هذه المواقع، وأحياناً يتم استهداف آخرين حتى يسيروا في ركبهم في منهج التحريض وسياسة من ليس معي فهو بالتأكيد ضدي، ومع أن هذه الصفات تكفي للحكم على أصحابها بالوضاعة والدناءة إلا أنهم أيضاً يضيفون إلى قاموسهم صفة أخرى آلا وهي صفة "الجبن" ومما يدل على أنهم جبناء ما حدثني به أحد الثقات من أن هؤلاء يعمدون إلى استثمار الأحاديث الجانبية للمختلفين معهم الذين يحاولون من خلال هذه الأحاديث معرفة حقيقة هذا المنهج والوصول إلى الأهداف الخفية لأصحابه لا لشيء، ولكن فقط لتقييمه وتحديد موقف منه فيحرفون هذه الأحاديث أو يخرجونها من سياقها العام وينقلونها للمُراد الإساءة إليه لإقناعه بأن الرافضين لهذا المنهج هم من يتبنونه، هذا بالإضافة إلى ما يتم تأليفه وإدعاءه من أكاذيب، وللأسف أن مثل هذه الأساليب الغبية والخبيثة قد تنطلي لبعض الوقت فيختلط الحابل بالنابل ويكثر القيل والقال، وأضاف أيضاً أن هؤلاء يقومون بدفع أشخاص آخرين من أعضاء هذه المواقع ليحققوا لهم مُبتغاهم، وعند مواجهتهم بما تتضمنه مواقعهم من سوء ينكرون ذلك، وإذا لم يستطيعوا أو أعيتهم الحجة يرمون التهمة على التُبع من الأعضاء الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً وينطبق عليهم المثل القائل "مع الخيل يا شقرا" فيستنكرون أفعالهم المُشينة معلنيين البراءة منها ... فهل هناك أشد من هذا جبناً ودناءة ؟  
 ولو حاول هؤلاء الحصول على مكانة مفقودة أو حظوة مأمولة بأساليب ووسائل مختلفة لالتمسنا لهم العذر لكن أن تكون أساليبهم وأهدافهم ما سبق ذكره، فهذا أمر مرفوض ومستهجن ويجب الوقوف في وجهه ونقده بقوة ليس من أجل أن يرعوي هؤلاء ويتوقفوا عن السير في هذا الطريق الذي لن يجلب لهم إلا الخزي والعار وهواناً على هوانهم فإن قبلوا النصيحة فنعم بها وإن لم يقبلوا فهذا شأنهم وهم الخاسرون الوحيدون، ولكن حتى لا تصبح هذه الحالة ظاهرة مستفحلة كثقافة القص واللصق، فتكون النتائج السلبية لهذه المواقع هي الغالب الأعم وتنعدم معها أو تتلاشى أي نتائج إيجابية، وهكذا فبدلاً من أن تصبح هذه المواقع وسيلة للتقارب الاجتماعي ومشاركة الجميع للجميع في أفراحهم وأتراحهم تكون وسيلة للغيبة والنميمة وشحن النفوس وإشغالها بتوافه الأمور وصغائرها، والحقيقة أن هذا هو السبب الرئيس للكتابة مجدداً حول هذه المواقع.
 وفي هذا الإطار نقول لهؤلاء الذين يعتقدون أنهم حازوا المجد من أطرافه أن إنشاء هذه المواقع ليس إنجازاً حتى يُخيل لهم أنهم أصبحوا من أصحاب الفكر والقلم، فالجميع يستطيع أن يملك الكثير منها، فالمهم طبيعة هذه المواقع ومحتواها وكيفية إدارتها فعلى رسلكم وعودوا إلى رشدكم إن كان لديكم النزر اليسير من الرشد حتى لا تكون حالكم مدعاة للسخرية والاستهجان والشفقة، وأعلموا أن عدم قبولكم النقد ورفضكم تصحيح المسار يعني أن تفكيركم بمستوى ثقافة القص واللصق بل وأسوء من ذلك، وبالتالي فأنتم معنيون بشكل مباشر بما تتضمنه مواقعكم من مهازل.
 وفي هذا المقام يجب أن لا ننسى أن نشيد بالمواقع الإلكترونية التي يحرص القائمون عليها بجعلها جسراً للتواصل الاجتماعي ومنبراً للحوار الهادف قدر الإمكان وما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، كما نتوجه بالشكر الجزيل لأصحاب المعدن الأصيل من أرباب المواقع الذين تقبلوا نقدنا السابق وأثنوا عليه، ونأمل من الجميع أن يكونوا دُعاة بناء وتنوير لا دُعاة هدم وتخوير، فمن لا يستطيع المساهمة في بناء الفكر وتوعية المجتمع أو العمل على صعيد تماسكه وتلاحمه فيكفينا منه أن لا يكون في الاتجاه المناقض لذلك.