أخبار العربية

كارثة جدة والأصوات النشاز !


تعليقاً على مقال أستاذنا الكبير/جمال خاشقجي (بدأت ساعة الحساب..فماذا بعد؟) بتاريخ 10/1/1431ه والذي تطرق فيه إلى إيقاف عدد من المسئولين السابقين في أمانة جدة وبعض الجهات الأخرى على خلفية علاقتهم المباشرة أو غير المباشرة بفاجعة سيول جدة وماأسفرت عنه من نتائج كارثية أود أن أقول بداية سلمت يمينه ودام قلمه الحر والمتدفق وطنية وجمالاً كجمال أسمه وبالفعل حانت اللحظة الحاسمة والفاصلة بين الحق والباطل بين الفوضى واللامبالاة وإنعدام الضمير وبين الحزم والشعور بالمسئولية والضمير الحي للأمة بين الفساد وضياع الحقيقة والإفلات من العقاب وبين الإصلاح وجلاء الحقائق وضبط المفسدين وإيقاع الجزاء الرادع والعادل بهم وكلنا أمل أن يتم محاسبة كل من كان له يد في وقوع هذه الكارثة المآساوية سواءً كانوا مرتشين أو مقصرين أو متواطئين وأن تكون المحاسبة على قدر الكارثة وبحجم نتائجها السيئة وتتناسب مع مستوى التجاوز الإداري أو إستغلال النفوذ والوظيفة في التكسب غير المشروع أو هدر المال العام وأن يتم العمل على تلافي تكرار ذلك في مدينة جدة وفي أي مدينة أخرى من مملكتنا الحبيبة فقد سبق أن غرقت بعض الشوارع في مدن أخرى بمياه السيول وإن كان ذلك بصورة أقل مما حدث في جدة ومن الأمثلة على ذلك ماشهدته مدينة الرياض من غرق أحد الطرق الرئيسية مما كاد أن يودي بحياة مجموعة من الطالبات لولا عناية الله ثم نخوة الرجال الذين بادروا لإنقاذهن في اللحظات الحرجة وهذا يعني أن هناك مشكلة في تصريف المياه لأن كمية الأمطار ليست بالقدر الذي يمكن معه تفسير التراكم الهائل للمياه كما يجب التأكد من عدم وجود أحياء مقامة على بطون الأودية في كافة المدن وإن وجدت يتم إتخاذ الإجراءات والتدابير الهندسية التي تحول دون تعرض ساكنيها لخطر مداهمة السيول.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق ويثير في نفوسنا الأسى والسخط تلك الأصوات النشاز التي تحاول بكل خسة صرف الأنظار عن ماسبق وعن لب القضية وقد عبرت عن نفسها بكل وقاحة عبر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" فجزمت أن ماحدث عقوبة إلهية من خلال الربط بين إفتتاح جامعة الملك /عبدالله وهذه الكارثة وكأن ذلك مناسبة للتشفي والشماتة في أبناء الدين والوطن الواحد متناسين أيضاً الوجه الآخر والذي يتمثل في الإبتلاء ونعمة الشهادة ومتجاهلين ضرورة توحيد الجهود لمواجهة الأزمة ومواساة المتضررين وذوي الشداء لكن مايخفف هذه الصورة المرعبة للكارثة ومستثمريها من أصحاب الأفق الضيق والنفوس المريضة أنه بالرغم من هول المصاب فرب ضارة نافعة فقد يكون ماحدث جرس إنذار وبداية لفتح ملفات فساد أخرى كما أن عزاؤنا الوحيد في هذا المصاب الجلل يتجلى بالنتائج السريعة التي توصلت لها لجنة تقصي الحقائق والمطلوب إستمرار التحقيق والتحري لإكتشاف كافة جوانب القصور والفساد التي أدت إلى حدوث هذه النتائج المرعبة والأضرار الجسيمة ومن ثم وبعد ثبوت التهم المنسوبة للمتورطين يتم التشهير بهم وإعلان الأحكام التي صدرت في حقهم حتى يكونوا عضة وعبرة لكل من تسول له نفسه الدنية وذمته الفاسدة أن يأكل السحت والمال الحرام ليتربح على حساب سلامة الناس وأرواحهم البريئة.
وفي هذا المقام ولمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح والتطوير المأمول نتمنى أن تكون الشفافية والمكاشفة والنقد البناء ديدننا وأسلوبنا الذي ننتهجه في مختلف المجالات وهذا بالتأكيد لن يتأتى بدون تفعيل دور الصحافة بما يضمن لها أن تكون منبراً متاحاً لجميع الآراء وكافة التوجهات بذات القدر وبصورة متساوية وأن تمارس دورها كسلطة رقابية حتى نستطيع بناء مجتمع صحي لا تستأثر فيه فئة بتوجيه الرأي العام وحتى نتخلص من سيطرة أحادية الفكر والنمطية الفكرية التقليدية التي يترتب عليها حالة من الجمود والإنعزالية وفي ذات الوقت يتزامن معها العمل في الظلام وخلف الأبواب المغلقة.
المقال أعلاه نشر في صحيفة الوطن بعنوان "بالمكاشفة والشفافية والنقد البناء نحارب الفساد"وذلك بالعدد رقم (3380) في يوم الخميس 14/1/1431ه الموافق 31/12/2009م .