أخبار العربية

إيران وإعلامنا والخليج العربي !

هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها عن قضية تكون إيران طرفاً فيها بالرغم من محاولتي تجنب ذلك ولكنني أجد نفسي في المناسبتين مضطراً فقد سبق لي الكتابة بشأن لجوء إيمان بنت أسامة بن لادن إلى سفارة المملكة هناك ورغبتها في الخلاص من المعتقل الإيراني الكبير أو بما عبرت عنه حينها في المقال بالإستضافة الجبرية أما دواعي كتابتي الآن فهي مختلفة وتتمحور حول محاولات إيران تأكيد إدعاءاتها المتكررة بأحقيتها التاريخية في الخليج العربي بإتباع كافة الأساليب والتي يأتي في مقدمتها تسميته بالفارسي في وسائل إعلامها وقد أخذت هذه الإدعاءات منحنى خطير وأكثر وقاحة عندما هددت قبل فترة قريبة بمنع شركات الطيران التي تشير إلى هذا الخليج بالعربي في خرائط الملاحة لديها من إستخدام مجالها الجوي والحقيقة أن الأمر لم يكن مفاجأة لمتابعي الأوضاع على الساحة السياسية في إيران فقد دأبت هذه الدولة على إمتداد السنوات الماضية من عمر ثورتها الدموية على إنتهاج سياسة عدائية تجاه دول المنطقة العربية وخاصة دول الخليج حيث لا يحتاج تأكيدها لمثل هذه الإدعاءات التي أقل ما يقال عنها أنها جوفاء ولا معنى لها فقد سبق أن أعلنت مرجعيات دينية رفيعة في الجمهورية الإيرانية أن البحرين هي إحدى محافظات هذه الجمهورية الحالمة مما يذكرنا بمزاعم النظام العراقي البائد إبان غزوه لدولة الكويت الشقيقة وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأنما قُدِر على دول الخليج أن تكون محطاً لأطماع الآخرين وطموحاتهم التوسعية ولا زالت إيران تحتل جزر إماراتية وترفض التحكيم الدولي إلى جانب تدخلها السافر في الشئون الداخلية للعراق ولبنان وهناك ما أثير مؤخراً عن دعمها لجماعة الحوثيين الإرهابية والكثير مما يمكن أن يقال في هذا الشأن وفي الحقيقة أنني لم أكن أرغب الكتابة بهذا الخصوص ولذلك أوجزت ولكن ما دفعني دفعاً لتناوله هو ورود مسمى الخليج الفارسي في قناة سعودية واسعة الإنتشار وهي قناة MBC MAX أثناء ترجمة أحد الأفلام الأجنبية وكان ذلك في تمام الساعة الثانية صباح يوم الأحد الموافق 26/4/1431ه ولست متأكداً من أن الترجمة كانت حرفية للغة المستخدمة في الفلم أم أن إنتماء المترجم العرقي أو المذهبي هو السبب المباشر في ذلك والأسوأ من هذين الإحتمالين أن لا يكون الأمر تلقائياً وهذا يعني أن المسألة تم التخطيط لها وهنا نكون أمام تساؤلات غاية في الأهمية وأياً يكن الوضع فما حدث غير مقبول ويجب التأكد من ملابساته في تحقيق داخلي يتحتم على إدارة القناة القيام به والتنسيق مع الجهات القادرة على إستجلاء التفاصيل إذا أقتضت الضرورة ذلك وعليها أيضاً مراعاة مثل هذه الأمور مستقبلاً والتدقيق في ما تعرضه من مواد على المشاهد العربي فالغزو الثقافي هو البداية والنواة الأولى لتحقيق أهداف الدول التي تطمح للهيمنة على الشعوب الأخرى سواءً كانت هذه الهيمنة فكرية أو سياسية أو عسكرية وإستخدام الإعلام المرئي بأي شكل من الأشكال سوف يؤدي إلى تسهيل هذه المهمة وتحديداً عندما يتمثل في قناة تحظى بمتابعة دائمة من قبل جمهور عريض وقد يقول قائل أن المسألة لا تتطلب كل هذا العناء والتهويل فأقول قد يكون مفهوماً أن تتضمن الأفلام أو البرامج التلفزيونية أخطاء في مسميات المدن أو في معالم بعض الدول لكن أن يكون هذا في مصطلح يرمز إلى مجموعة من الدول كلها عربية ولها وزنها على خارطة العالم السياسية والإقتصادية ومتعارف عليه دولياً بالخليج العربي ثم ينسب إلى دولة هي الوحيدة تقريباً التي تطلق عليه الخليج الفارسي أعتقد أن هذا أمر يدعو إلى إعطاء المسألة حجمها الذي تستحقه وبما أن النتائج المترتبة على عرض مثل هذه المواد يتعارض مع الواقع ويمس الأمن الوطني والقومي للدول المعنية مهما كانت درجة هذا المساس فإنه لا بد من إبداء الرأي حيال ذلك بما يجب وأخذ الحذر والحيطة فالمؤمن كيسٌ فطن ولا يلدغ من جحرٍ مرتين ومما تجدر الإشارة إليه في جانب آخر أن الفلم تضمن مشاهد تعكس صورة بالغة السلبية عن سكان الجزيرة العربية وفي المقابل شهامة وشجاعة وبراعة الرجل الأمريكي فأي إعلام هادف ننشد وأي رسالة نريد إيصالها لأجيالنا الصاعدة ولماذا نغضب ونستاء من تشويه صورتنا في الإعلام الغربي ونحن ندعم ذلك ونساعد على تكريسه في إعلامنا ليكون أعمق تأثيراً وأكثر فاعلية.
نشر هذا المقال في صحيفة الجزيرة بالعدد رقم (13720) وذلك ليوم الخميس الموافق 8 جمادى الأولى 1431ه الموافق 22 أبريل 2010.