أخبار العربية

دور الثقافه المحليه في إحتضان الأفكار المتطرفه!!

في سياق النجاحات المتتالية للأجهزة الأمنية على صعيد الحرب على الإرهاب يتساءل البعض عن سر هذا النجاح في الوقت الذي لا يتزامن مع ذلك النجاح المطلوب في المجالات الأخرى والحقيقة إن هذا التساؤل بالرغم من وضوحه وبساطته الظاهرة فهو يشير إلى معانٍ ومضامين ذات دلالات غاية في الأهمية، ويؤكد أن مواجهة الإرهاب والقضاء عليه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون محصورة في المعالجة الأمنية وإن كانت تحقق إنجازات متمتيزة آثارت إعجاب وتقدير الكثير من الخبراء والمختصين في المجال الأمني على الصعيد الاقليمي والدولي، فنجاح هذه المواجهة يتطلب ان تقوم كافة الجهات والمؤسسات المعنية بالدور المطلوب منها كل حسب الرسالة التي يضطلع بها، وفي مقدمتها الهيئات والمؤسسات ذات الطابع الفكري والتربوي والثقافي، كما أن ذلك يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى وجود خلل وقصور في الدور الذي تؤديه هذه المؤسسات، وهذا أمر يدلل عليه الواقع وهناك العديد من الشواهد التي تدعمه وتبرهن على مصداقيته، ومن وجهة نظري المتواضعة أن أسباب ذلك تكمن في عدم التحلي بالجرأة الكافية لتشخيص المشكلة والاعتراف بمحليتها، فما زال الكثير من قادة الفكر والرأي وأصحاب الحل والعقد يرددون أن الفكر الإرهابي والتطرف الديني وفد إلى بلادنا من الخارج وأن معتنقيه قد غرر بهم ولبس عليهم، وأن ثقافتنا بريئة من ذلك براءة الذئب من دم يوسف سواء كان ذلك عن ضعف الادراك أو نتاج أسباب أخرى بالإضافة إلى أن حصر المشكلة في من يقدمون على التخطيط للأعمال الإرهابية أو تنفيذها وعدد محدود ممن قام بالتنظير الشرعي لهذه الأعمال من خلال الإرتباط التنظيمي هو جوهر القضية وأساس الخلل في وضع الخطط والبرامج اللازمة للتصدي لهذا الفكر الشيطاني، والوقوف بحزم حيال مظاهره التي نلاحظها في كثير من المناسبات والمواقف بنفس القدر وذات المستوى الذي يواجه فيه رجال الأمن الإرهاب المسلح، وهكذا فإن الحملة على الإرهاب لن تكون فاعلة ما لم يعترف الجميع بأن لدينا ثقافة اجتماعية تنمي الأفكار المنحرفة والمتطرفة وأن هناك من يتبنى هذه الأفكار ويحتضنها ويحث عليها أو يتعاطف معها، ولابد أن يؤخذ في الاعتبار أن هناك خيطاً رفيعاً بين حرية الرأي والاختلاف في وجهات النظر وبين من يريد أن يفرض رأيه الشخصي على الآخرين، وإذا لم يوافقوه يتم وصفهم بالمتآمرين على الإسلام أو تصنيفهم ضمن فئات لديها أهداف مشبوهة، بالإضافة إلى أهمية أن يدرك المعنيون بأن الإرهاب درجات ومراحل وأن ما يحدث الآن هو نتيجة حتمية ومنطقية لهذه المراحل، وبالتالي فإن التعامل مع النتائج دون البحث في الأسباب، ووضع الحلول المناسبة لها في إطار عملية تكاملية لجهود الوزارات والجهات المعنية بحيث يشمل ذلك مناقشة كافة مظاهر الإرهاب ومراحله بكل صراحة وشفافية وبعيداً عن أساليب المحاباة والمواربة سوف يجعلنا ندور في حلقة مفرغة ويؤدي إلى استمرار مظاهر الإرهاب ولو بأشكال مختلفة وبروزها على السطح بين فترة وأخرى.
المقال أعلاه نشر في صحيفة الرياض بالعدد (13913) وتاريخ 3/7/1427ه .

هناك 7 تعليقات:

  1. نعم يجب أولا الإعتراف بالمشكله ومن ثم مواجهتها ووضع الحلول المناسبه

    صالح العنزي

    ردحذف
  2. في إعتقادي أن صناع القرار تجاوزوا هذه المرحله ولاتخفى عليهم أسباب المشكله ولكن ليس كل مايعلم يقال فهناك إعتبارات داخليه وخارجيه يجب أن تؤخذ في الحسبان.

    سعيد الأحمري

    ردحذف
  3. تعليق رائع ياأخ صالح بورك فيك....أخ سعيد لايكفي أن يكون فهم أبعاد المشكله من قبل صناع القرار فقط على إفتراض دقة ذلك ولكن يجب أن يكون الفهم على مستوى مختلف الجهات ذات العلاقه بالتعامل مع القضيه وأن يكون هناك مستوي وعي مقبول لدى قطاع عريض من الشعب حتى تتظافر الجهود وتؤتي ثمارها على المدى البعيد وخاصة من الناحيه الفكريه,,,,,

    ردحذف
  4. لاتوجد في المملكه أفكار متطرفه والسبب في ماحدث من مشاكل وتفجيرات كان سببها الوافدون العرب الذين كانوا يدرسون المواد الإسلاميه في السابق


    غازي المطيري

    ردحذف
  5. الأخ/غازي وجهة نظرك ونحترمها بالرغم من إختلافنا معها وكما تعلم أن مثل هذه الأفكار كانت موجوده لدى ماكان يسمى ب"الإخوان"الذين أنشقوا على الملك/عبدالعزيز وحاربوه حتى تمكن من إخضاعهم لنفوذه وهناك أمثله أخرى وكلها قبل إستقدام الوافدون العرب للتعليم في المملكه ،،،،،

    ردحذف
  6. أخي فهد الفراج
    تحية طيبة وتقدير
    أوافقك الرأي في أن المؤسسات الاجتماعية والثقافية تلعب دور مهم في تحجيم ظاهرة التطرف أو تنميتها، وبقدر ما تقوم به المؤسسات الأجتماعية من رعاية وتوجيه لكيفية التعامل مع الفكر وطريقة الحوار والتعامل مع الأخر، سيكون الناتج، فعلى هذا يجب أن تتحمل مؤسساتنا الأجتماعية المسؤلية وأن تقدم أنموذج يكون محل تقدير وأعتزاز من الجميع.
    أن من يقول أن التطرف ظاهرة دخيلة على مجتمعاتنا تنقصه الرؤية الدقيقة، فالتطرف فكر موجود في كل مجتمع يمتهنه بعض أفراد المجتمعات لغرض في نفوسهم سواء كان خير أو شر.
    تحياتي وسلمت يداك.

    ردحذف
  7. الصديق والزميل /فهد العتيبي وإن نسيت كتابة الإسم فأسلوبك يدل عليك فلك مني كل الشكر والتقدير على هذه المشاركه الرائعه ،،،،

    ردحذف

حاور برأي واعي وفكر مستنير وفقاً لمبدأ كل أمر يجوز فيه الإختلاف مالم يكن من الثوابت الشرعية وأختلف وناقش كيفما تريد ولكن في إلإطار الموضوعي وبعيداً عن التشخيص والتجريح وأعلم أن الإساءة ليست من دأب الكرام وهي مردودة على صاحبها وكل وعاءٍ بما فيه ينضح وتذكر قول الحق سبحانه وتعالى{مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.