أخبار العربية

كفاية إحراج وكفاية إخراج ويكفي ظلامية

لا يخلوا هذا الوطن من نماذج مشرفة أمثال فاطمة قاروب صاحبة حملة "كفاية إحراج" ولا أعني بهذا أننا نعاني من شح في مثل هذه النماذج فالوطن ولله الحمد والمنة معطاء وزاخر بأبناءه العظام على مر التاريخ ولكن أعني النماذج الشعبية فهي النبض الحقيقي للمجتمع وهي التي تجعلنا نتفاءل ونشعر بالأمل ونرى بصيص النور في النفق المظلم وأنا هنا لا أتحدث عن ظلام في كافة مناحي الحياة السعودية ولكن هناك بالفعل ظلام وظلمات في بعض جوانب حياتنا وتحديداً ذات العلاقة بالفكر أو المرأة وأعتقد أن الظلامية في الفكر هي التي أدت إلى إشكالية التعامل مع المرأة وعدم إعتبارها شريكاً مساوياً للرجل في حقوق وواجبات المواطنة الكاملة وإن أختلف دور أي منهما عن الآخر في بعض المجالات ولكن ليس على النحو الذي تم تكريسه في العقلية السعودية الذكورية والأنثوية على حدٍ سواء حتى أصبحت المرأة لا تعرف هذه الحقوق وهذه الواجبات بل وترفض أي صوت ينادي بها وليس أدل على هذا التوصيف الموجز لهذه الحالة السعودية الفريدة من محاربة فئة محددة في مجتمعنا لمشاركة المرأة بفعالية في معظم أوجه النشاط الإقتصادي والإجتماعي والثقافي في البلد ومن الأمثلة الكثيرة ما قامت من أجله الحملة المشار لها أعلاه والتي تطالب بتمكين النساء من بيع مستلزمات المرأة الخاصة جداً أسوةً بما هو حاصل في كل دول العالم وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء (120) الصادر عام 2006م وبذلك يمكن أن نطلق على هذه الحملة "كفاية إخراج" إخراج للمرأة من المنظومة الإجتماعية السعودية وحرمانها بل وحرمان المجتمع من دورها في تنميته وبناءه وبمفهوم الفئة المُعطِلة لهذا الدور خوفاً من المرأة أو خوفاً عليها تحت مبرر الحفاظ على عفتها يمكن أيضاً أن نقول كفاية إخراج للمرأة من عباءة الحياء التي يتشدق هؤلاء ومن لف لفيفهم بالسهر على حمايتها والذود عن حياضها وكأننا في معركة بين الحق بأبهى صوره والباطل بأبشع تجلياته وقد سبق لي الكتابة بهذا الخصوص إبان حملة المعارضة والتشكيك التي واجهها القرار في حينه وما صاحبها من هجوم على شخص الوزير الراحل "غازي القصيبي"من خلال مقال بعنوان "سد الذرائع (باب) أستغل أسوأ إستغلال - جهود وزارة العمل تصطدم بضغوط المرجفين " نشر في صحيفة الرياض بعددها رقم (13904) وتاريخ23/6/1427ه حيث تطرقت إلى أهم الأسباب الرئيسية لهذه المعارضة الشرسة والتي تتمثل في التوسع في باب سد الذرائع إلى الدرجة التي أنقلب فيها الحال إلى نقيضه وكما يقال "كل شيء إذا زاد عن حده أنقلب إلى ضده" والحقيقة أنني لا أريد الخوض في تفاصيل ذلك والعودة إلى ما كتبته سابقاً ولكن لا بد من التطرق لبعض الإنتقادات الموجهة لهذه الحملة والتي تأتي في نفس  السياق فمن المفارقات العجيبة أن البعض أتخذ من الموقف الشخصي الذي أشارت إليه المشرفة على الحملة فيما يتعلق بسماعها لكلمات خادشة للحياء حجةً له عليها فعبروا عن وجهة نظر قاصرة تطالب المرأة التي تواجه مثل ذلك بالخروج من المحل معتبرين أن هذه الخطوة كفيلة بحل المشكلة وتعبر عن سلوك مطلوب من المرأة المحتشمة وأن من لا تفعل ذلك فهي على النقيض منه كما أنهم أكدوا أن البائع لا يقدم على ذلك إلا مع النساء المتبرجات ونحن هنا نقول لهؤلاء الغيورين وأصحاب الحل الجذري المزعوم أنه بصرف النظر عن كون الفتاة خجولة أو العكس فالمهم أن نمنع تعرض المرأة السعودية والمقيمة في هذا البلد لمثل هذه المضايقات والتحرش البذيء ونؤكد أن الخجل لا يعني عدم رد المرأة على الرجل المتحرش ولو بجملة واحدة تجعله يفكر ألف مرة قبل تكرار ذلك مع غيرها فالخروج من المحل فقط ليس حلاً للمشكلة ثم أن المطالبة بإنهاء مهزلة بيع الرجال لملابس النساء الداخلية ليس بالضرورة مرتبطاً بوجود التحرش من عدمه لأن إستمرار هذه المهزلة يتنافى أساساً مع الخصوصية والمحافظة التي صدعنا بها هؤلاء المتشدقون الذين تقاطعت أهوائهم وأفكارهم الرجعية مع مصالح رجال الأعمال فحاربوا قرار تأنيث المحال النسائية حتى منعوا تنفيذه فبالله عليكم كيف تكون المحافظة والخصوصية ونحن بوضعنا الحالي نصادر خصوصية المرأة ونخدش حياءها وحشمتها بل ورجولتنا المصادرة قبل ذلك .
 وحتى يعلم معارضي إعطاء المرأة السعودية حقوقها أن مثل هذا التشدد غير مبرر وفي منتهى الغباء والسذاجة يستحسن أن نعود بالذاكرة بضع سنوات خلت حيث كان في مدينة الرياض مركز ترفيهي يمنع دخول الرجال وكل العاملين فيه من الرجال وذلك بتوجيه من الجهة التي دأبت على إثارة مثل هذه الإشكاليات ولا حقاً تم إستبدالهم بطاقم نسائي ،
ولمن لا يتذكر هذا المثال نسوق له مثال آخر أكثر قرباً عندما كان يُمنع دخول العوائل لمهرجان الجنادرية مع تخصيص أيام للنساء في الوقت الذي كانت فيه كل الفرق المشاركة في الفعاليات من الرجال إضافة إلى منسوبي الرئاسة العامة للحرس الوطني وأخيراً تبدل الحال وسمح للعوائل بالدخول .
ولإعطاء مثال أحدث عهداً فقد كنت قبل عام تقريباً وفي عيد الفطر تحديداً في أحد المجمعات التجارية الواقعة غرب مدينة الرياض وتفاجأت بمنع دخول الأطفال الذكور والإناث إلى صالة التزلج الموجودة داخل المجمع وكان ذلك على غير العادة وعند مناقشة المعنيين أفادوا أن ذلك بأمر من منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصادف فيما بعد مرورهم فتحدثت معهم مستغرباً لأن صالة التزلج في مكان عام وكل الأطفال بصحبة ذويهم ثم أن مدة اللعبة خمسة وعشرون دقيقة فكيف يتسنى للعائلة التي لديها أكثر من طفل ذكر وطفل أنثى أن تنتظر كل هذا الوقت وللعبة واحدة وإضافة لذلك فإن مثل هذا المنع سوف يحجب المتعة التي تنشدها العائلة حيث لا يتسنى لأطفالها المرح مع بعظهم البعض في الوقت عينه أو أن يتسبب هذا المنع بحرمانهم من ممارسة هذه اللعبة وهذا ما لجأت له الكثير من العوائل وقد كتبت مقالاً بهذا الشأن بعنوان "رسالة لمعالي الرئيس" تم نشره في مدونتي "الرأي" وعلى مجموعتي على الفيس بوك الناشئة أنذاك والمتوقفة حالياً ومن الجدير بالذكر أنه تم بعد فترة من المعاناة إلغاء هذا المنع وعاد  الوضع لما كان عليه من قبل وهذا أمر جيد أن يتم تصحيح الأخطاء لكن شريطة أن لا تستمر طويلاً وخاصة إذا كانت واضحة وغير مبررة وأن لا يتم العودة لمثلها في مواقع أخرى .
والهدف من ذكر الأمثلة السابقة بالرغم من عدم علاقتها بشكل مباشر بموضوع الحملة هو قناعتي بأن ضحالة التفكير والمبالغة في الحذر والتحوط والنظر بالريبة والشك تجاه أي قضية يكون العنصر الأنثوي طرفاً فيها هو القاسم المشترك في معاناة المرأة السعودية والجدل العقيم الذي يسود كلما طفت إلى السطح قضية من هذا النوع .
والسؤال الهام/لماذا كل هذه الحساسية المفرطة تجاه جنس المرأة حتى في مراحلها العمرية الأولى والتي جعلتنا لا نميز بين الصواب والخطأ الفادح ، والسؤال الأهم لماذا لا نتعلم من مثل هذه الأمثلة ؟ حيث أن إنتقالنا من حال الخطأ إلى حال الصواب لم يترتب عليه نتائج سلبية بل كلها إيجابية فلماذا إذن نكرر ذات الأخطاء ؟ فهل نحن شعب غبي إلى هذه الدرجة ؟ وإذا لم نكن كذلك وأن البعض منا هم من جعلونا نبدو أمام أنفسنا والعالم على هذا النحو فلماذا نحن أسرى لهم وهم لا يملكون من المنطق مثقال ذرة ناهيك عن أنهم يخالفون التعاليم الإسلامية التي يتشدقون بها ؟
وإن كان من رسالة نوجهها للحملة والقائمات عليها فنحن نعبر لهن عن بالغ الإعتزاز والفخر بهن كمواطنات سعوديات يسعين لتوعية المجتمع وممارسة الضغط  الإعلامي والشعبي لتغيير أوضاع إجتماعية خاطئة كما نتضامن معهن قلباً وقالباً حتى تحقق الحملة أهدافها المأمولة .
في فمي ماء وما زال في جعبتي الكثير ولكن نتوقف إلى حين لعل الله يكتب لنا جميعاً من أمره رشدا ويهدينا سواء السبيل .

هناك 8 تعليقات:

  1. اقول خل حريمنا يجلسون في بيوتهم ازين لهم ولنا والرجل يشتري لمرته ملابسها ولا يوديها عند ذا العجايز البياعات ويشترن اللي يبنه ولا يكثر ترى مسختوها ناصر القحطاني

    ردحذف
  2. ناصر والله إنك مع جنبها والمقال اكبر من تفكيرك
    حزام العتيبي

    ردحذف
  3. ناصر شكراً لتواصلك ... أخوي حزام كفيت ووفيت وكل التقدير لتفاعلك ... تحياتي ,,,

    ردحذف
  4. ينصر دينك يا ناصر المرأة

    بنت السعودية

    ردحذف
  5. انا اقصد الكاتب فهد الفراج مو ناصر القحطاني

    بنت السعودية

    ردحذف
  6. بنت السعودية سعداء بزيارتك المتكررة للمدونة ومشاركاتك محل تقديرنا،،،

    ردحذف
  7. بسم مؤلف القلوب وحاميها
    وبما انني في صفحة لإبداء الرأي سوف اسطر لكم بوح قلمي نحن في مجتمع محافظ فلماذا يأتي بعض المتطفلات ويخلعون حجابهم ويتشبهون بأرذل الناس لماذا يفعلون هكذا نحن قدوة فنحن اهل المملكة العربية السعودية

    ردحذف
  8. الأخت/مشاعل ... رأيك مرحب فيه ولك مطلق الحرية في ذلك ولكن لا علاقة له بموضوع المقال ... شكراً لتفاعلك ودمت بخير .

    ردحذف

حاور برأي واعي وفكر مستنير وفقاً لمبدأ كل أمر يجوز فيه الإختلاف مالم يكن من الثوابت الشرعية وأختلف وناقش كيفما تريد ولكن في إلإطار الموضوعي وبعيداً عن التشخيص والتجريح وأعلم أن الإساءة ليست من دأب الكرام وهي مردودة على صاحبها وكل وعاءٍ بما فيه ينضح وتذكر قول الحق سبحانه وتعالى{مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.